الفصل الرابع :
بعد مرور عشر سنوات...
تجلس فتاة شابة في التاسعة عشر من عمرها، تنظر أمامها بشرود...يقاطعه صوت ذلك الشاب الجالس مقابلها، ليردف متسائلاً بحزن : و بعدوا عن بعض فعلاً يا جميلة!
تجيبه جميلة : بعدوا يا سيف...إيثار ضحت بسعادتها و مستقبلها و كمان بحب عمرها علشانا..علشان تقدر تعلمنا و تكبرنا.
يقطب سيف بتأثر ثم يسألها بقلق : طيب و عبدالله عمل ايه؟ يعني بعد و خلاص كدة؟تبتسم جميلة ثم تردف بإعجاب : الحب معادلة صعبة يا سيف...عبدالله و إيثار، أه بعدوا عن بعض بس بأجسدهم بس، كل واحد فيهم روحه في التاني ميقدرش ينفصل عنها...عبدالله رضخ لطلب إيثار في البعد، لكنه فضل دايماً موجود حولينا... مرتبطش و لا اتجوز، فضل مستنيها، من غير ما هي تطلب منه انتظرها... لحد دلوقت على أمل بإجتماعهم في يوم... تشرد جميلة مرة أخرى ثم تسترسل حديثها بذكرى طيبة تركت بها أثر جميل لتردف : أفتكر في يوم لما كبرت شوية و قررت أن أنا أروح المدرسة لوحدي علشان اريح إيثار شوية، و كنت ماشية في الشارع خايفة و بتلفت حوليا... لقيت عبدالله جه و مشى جنبي و ابتسملي و بعدين غمزلي بعينه... فضل ماشي جنبي كدة لحد ما وصلني للمدرسة متكلمش خالص و لا أنا اتكلمت، فضل ده سرنا بإتفاق صامت بينا... فضل كل يوم يوصلني للمدرسة كدة لمدة سنتين كاملين!
يرتفع حاجبين سيف بتعجب و هو يردف بإنبهار : معقول في حب كدة؟.. بجد الإتنين دول لازم يرجعوا لبعض تاني، كفاية عليهم كدة فراق.. مش متصور أن في اتنين بالشكل ده يعانوا كدة ببعدهم عن بعض.
تبتسم جميلة ثم تردف : لما كبرت شوية و سألت إيثار هي إزاي مستحملة و مكملة رغم بعدها عن حبيبها، طيب ازاي مش بيوحشها؟... ردت عليا و قالتلي " الحب إلي جمعني بعبدالله أقوى من البعد و من كل الظروف... لما بيوحشني ببص للمرايا بشوف صورته في عيني و قلبي بينطق حروف اسمه، أنا عارفة أن حبنا مكتبلوش انه يكمل أو يترجم بشكل علاقة... لكن كل ده منقصش حاجة من حبي ليه أبداً."
نظر لها سيف قليلاً بصمت يستعب كم المشاعر النقية البريئة الموجودة في زمن شح منها، ليشكر الصدف التى جمعته بجميلة بنفس الكلية... و عندما رأها عرفها سريعاً، فهو و والده كانا دائماً يزوروهم بمنزلهم... فوالدها ووالده كانا أصدقاء و زملاء بالعمل، كان دائماً فضول من جهة إيثار... فماذا يجعل فتاة بمثل جمال و رقة إيثار لا تتزوج حتى الأن؟... و ذاد احترامي و تقديري لها منذ علمت بجزء صغير من قصتها من والدي، فهي نموذج من المرأة نادر... تحمل بداخلها عاطفة الأمومة الممزوجة بعنفوان الشباب و حماس فتاة صغيرة، تركيبة مميزة و مختلفة عن الجميع.. هي إيثار، فإسمها لخص كل شئ يمكن أن يقال.بمكان أخر في مكتب راقي....
يجلس عبد الله خلف مكتبه بإحدى الصحف الشهيرة، التي صار أصغر رئيس تحرير يترئسها.. يجلس بوقار مرتدى حلته الرسمية الرمادية و عويناته الطبية أضافت لمظهره المزيد من الوسامة و الجاذبية... يجلس أمامه مساعده و صديقه محمود يراجع معه بعد الأعمال، ليقاطعه عبد الله فجأة بأن سأله : محمود.. عملت ايه مع الإعلان بتاع إيثار إلي بنزل كل عدد؟
يجيبه محمود بإبتسامة متفهمة : متقلقش.. اتفقت معاهم على الصيغة الجديدة للإعلان و أكيد هينزل كالعادة بدون اسم هو الإعلان و العنوان و بس... مش قلقان تعرف انك بتساعدها من بعيد و تضايق منك؟
يقطب عبد الله ثم يردف بثقة : لا مش قلقان... إيثار ملهاش في قراءة الجرايد أساساً.. و حتى لو عرفت، أنا متأكد انها مش هتزعل و لا حتى هتعاتبني... لأنها عارفة ان انا مش بغير رأي و هفضل برده أساعدها بكل طريقة ممكنة.
طيب و أخرة قصتكم دي ايه؟.. قالها محمود و هو يقف عن مقعده المقابل لعبدالله.
ليستطرد محمود ما أن صار بجواره : والدتك هتتجنن على حالك ده.. دايماً ترفض الجواز من واحدة غير إيثار، و كمان رافض انك تروحلها تاني و تطلب منها الجواز من تاني، ما اخوتها كبروا اهو و حجتها انتهت ايه المانع بقى؟
يتكأ عبد الله على ظهر مقعده للخلف، ثم ينظر لمحمود و يردف بحزم : لما أحس أنها مش هترفض و تبعد تاني... أنا هقرب.
أنت تقرأ
كبرياء الفراشة (إيثار)🌹 سمر خالد (مـكتــملة)
Romanceالملخص : احببتك حتى فاض الحب بما يكفي لأنتظر، و ما كان حبك وهمًا لأنكسر... بل كان أسمى من أن يندثر، فـ سكن القلب بالصبر ممنيًا، بذكر الحبيبة الوافية بالوعود القاسية... فالبعد صار محتمًا، و القلب ينعي باكيًا حبًا يحتضر. فرضيت بالقدر العنيد مراقبًا ال...