BETWEEN GRAY &BlACK

23: إعــادة ضبـــط

"هناك مشاعر يفوت أوانها جيني، لم أعد متعلّقاً بكِ!"

"أعتقد أنني عنيت ما قلته بشأنها"

"أنتِ محقةّ! أنا أكنّ لها المشاعر حقاً..مجرد تَخيُّلكِ هيَ جعلني هكذا، كيف لو كانت شفتيها في الواقع؟!"

ابتعدت عن المشفى بخطوات سريعةٍ كسرعة تضاعف الغصّة بحلقها، عاجزة حتى عن الشتم! شهقاتها المتتالية تخللها نحيب بكائها الطفوليّ وهي تمشي بلا وجهةٍ محددة. وصلت رواقاً هادئاً ومظلماً يحده من جانبٍ حائط طويل مليئٌ بالرسومات والعبارات. وأمامه وجدت كرسيّاً جلست عليه دون تفكير؛ لعجز قلبها على مواكبةِ ضخة الدم والألم معاً.

شعرت أن شيئاً يحترق به فأعجزه، لذا أكملت نحيبها وكلها كره له ولها ولتفكيرها أنه لم يكن يعني ما قاله عن فيرونا.

خللت يديها بشعرها وتركتها هناك لتخفض رأسها وتذرف دموعاً خرساء تشعل وجهها ناراً. وبينما هي بتلك الحالةِ من الاستنزاف الذهني أصوات ضحك صاخب من بداية الشارع اقتربت.

"يا رجل أنت حقاً أرعن قذر!"

رفع المعني كتفيه ماطاً شفتيه وهو يمشي للخلف: "لقد كانت تستمتع!"

"أشك بذلك!"

توقف الذي يمشي بالخلف لتلميح صديقه الذي علته ابتسامة خبيثة بالنظر جانباً. المقابِلُ فعل وعلته ذات الابتسامةِ حين نظر لها، قهقه مرجعاً رأسه للخلف وعاد مترنحاً عدة خطوات.

صاحبة الشفتين المتفرقتين رفعت رأسها لتجد تلك الأعين التي تتوسط هالة داكنة عليها. وقفت ببطئٍ ثم ركضت حين سنحت لها الفرصة وقلبها ينبض بخوف.

أوقفها شاب منهم وهو يعض شفتيه بسقوط عينيه على فستانها الأبيض القصير الفوضوي؛ فعدلته بخوف كبير وعادت خطوات مرتجفة للخلف ليثبتها آخرٌ من الخلف بامساك خصرها بيدٍ واحدة وتمتم.

"ششش، اهدئي لما ترتجفين؟"
حاول انزال السترة الجلدية التي ترتديها من كتفها فابعدته عنها بقوةٍ وتوسعت أعينها للرهبة التي تعيشها لتصرخ به :

" ابتعد عني أيها اللعين!!"

بتلك اللحظة فقط لاحظت الأربعة أجساد التي تحيط بها، قال شابٌ يقف أمامها:
"على رسلك يا صغيرة،لا تثيري جلبة! لا نريد أذيّة"

رد شاب آخر متهكماً:"لا تريد ماذا أيها المخنث؟هل نرى هكذا جمال كلّ يوم؟!"

"هل أنتِ عارضة أيتها الشابة؟" أبعده أحدهم يخبره بضحك :"وبما يهم هذا، أنا أرى شيئاً معروضاً لا يمكن تفويته بليلة"