الحلقة 21

223 8 1
                                    

72) أَرجع لي ديْني (1 أبريل 2012)

حكت لي أحلام أنها انخرطت في منظمة تجمع تبرعات من أجل عمل خيري وسألتني إن كنت مستعدا للمساهمة.. قلت لها: "بطبيعة الحال سأساهم، غالي والطلب رخيص"، أرجعتني إلى صوابي قائلة: "إذا ساهمتَ فلوجه الله وليس لوجهي"، أجبتُها: "أكيد، سأتبرع بالمبلغ الفلاني، لكن كيف أبعثه إليك؟" قالت: "سأدفعه من نقودي حتى ترده لي"..

علمتُ فيما بعد أنها قامت بالواجب، شكرتها ثم اقترحتُ عليها أن نلتقي كي أعطيها نقودها، فقالت: "عندي شرط"، قلت لها: "أنا الذي عندي شروط"، قالت: "وما هي شروطك!؟"، قلت لها مازحا: "سنلتقي وسأعطيك عشرة دراهم فقط" قالت: "عشرة دراهم؟" قلت: "سأعطيك عشرة دراهم في كل مرة نلتقي حتى أسدد ديوني كلها!"، قالت: "أنت تستهزئ بي؟"، أجبتها: "لا.. أنا لا أستهزئ بك، أنا أريد فقط أن أراك عدة مرات"

لم أقنعها بضرورة لقائنا.. فبعثَت لي حسابها البنكي.. وبقي الاتصال بيننا عبر الهاتف وجيميل.. أحيانا كانت تسألني هل حولتُ المبلغ لحسابها؟ فكنت أجيب: "من الأحسن أن نلتقي.. فقط لأرد لك الدين.. " فكانت ترفض..

ذات مرة تحدثنا في الموضوع فعلقَت قائلة: "إن لم تبعث لي المبلغ فسأعتبر أن تكلفة غداءنا الأخير على حسابي، وأنسى الأمر .."

أحسست كأنها غلبتني بالضربة القاضية، فتوجهتُ صوب أقرب وكالة بنكية، ودفعتُ لها المبلغ كاملا.

أكيد أن الشرط الذي تحدثَت عنه أحلام في الأول هو أن نلتقي ونتبادل التحية فأعطيها المبلغ ثم يمشي كل واحد منا إلى حال سبيله..

أنا أردت أن أغازلها بشروطي والنتيجة للأسف أنها تراجعت حتى عن اللقاء..

بعد ذلك.. لم تعد تجيب عن مكالماتي إلا قليلا وعن رسائلي إلا نادرا..

73) حسيبك للزمن (15 ماي 2012)

تأكدتُ أن أحلام لا تعير أي اهتمام لمشاعري، لقد آلمتني بما فيه الكفاية، وجرحتني مرارا بسبب لامبالاتها.. يجب أن أبتعد عنها، يجب أن أتركها لحالها.. لن أعاتبها.. الزمن سوف يعلمها ما لم تعلمه.. تذكرتُ رائعة أم كلثوم "حسيبك للزمن.. لا عتاب ولا ألم.. بُكرة تتمنى أني أعاتبك أو ألومك.. مش حا عاتبك مش حاحاسبك.."

فبعثتُ لها رسالة إلكترونية مع رابط خاص بالأغنية :

"أدعوك للاستماع لأغنية حسيبك للزمن على الرابط التالي xxx..

الغريب أنني، في كل مرة أفكر في إنهاء علاقتنا وأرسل لك هذه الأغنية، أتردد ثم أعطي لنفسي مهلة للتفكير.. لكن بعد مرور وقت قصير جدا أجدني أتراجع، والأسوأ من ذلك اقتنع أنني أنا السبب.. فأسامحك وأطلب منك المسامحة!

مراتٍ كثيرة أترككِ لعدة أسابيع وأحيانا لعدة أشهر، لكن اعلمي أنني لا أتوقف عن التفكير فيك، بل لا أتردد في أن أقول سرا أو علانية "أحلام أنا أحبك".. وأتساءل: "تُرى هل أحلام تسمعني؟".. قد تقولين أنا مجنون.. لن أجيبك.

أحلام: لم أكذب عليك أبدا، وليس لي أي هدف أناني معك: هناك قوة لا يمكن تفسيرها تدفعني كي اتصل بك وأتحدث إليك بقلبي.. نعم.. أجد راحة عجيبة وإحساسا رائعا حين أكلمك، فتستمر هذه الغبطة لساعات طويلة..

كم تمنيت لو كانت هذه المشاعر تجاه زوجتي.. أكيد ستكون سعيدة. وبالمناسبة زوجتي من عائلة طيبة ولها من الخصال ما يجعل حياتي مستقرة..

السؤال الذي قد تطرحينه في هذه اللحظة هو: "إذن لماذا أنت تبحث خارج بيتك؟" جوابي تعلمينه جيدا: "أنا لم أبحث عنك!"

آسف أحلام عن هاته الكلمات. 

74) أحلام في الطائرة (5 يونيو 2012)

كنت في المطار من أجل السفر.. أنهيتُ كل إجراءات التسجيل واجتزت طابور التفتيش الأمني ثم صعدتُ متأخرا إلى الطائرة. اتجهتُ نحو صف المقعد الذي يحمل رقم تذكرتي. كانت هناك شابة جالسة وبيدها جريدة تغطي وجهها.. فتحتُ مقصورة الأمتعة فوضعتُ فيها حقيبتي اليدوية ثم أقبلتُ على مقعدي وأنا مستغرب من الفتاة. وما إن أقدمتُ على الجلوس بجانبها حتى أماطت الجريدة عن وجهها.. فإذا بها أحلام.. نعم إنها أحلام.. كاد عقلي يطير من الفرح دون أن أبدي لها مشاعري كالعادة.. لكنها قاطعت تفكيري وقالت بغضب وبصوت خافت: "أنت تتبعني حتى في الطائرة؟" تعجبتُ من رد فعلها.. كأنها سكبت ماء باردا علي وأنا كلي حرارة.. كظمتُ احساسي بالخيبة وقلت لها بصوت حزين وهادئ: "لا عليك سوف أغير المقعد".. كانت مضيفة الطيران قريبة منا.. فطلبتُ منها أن تدلني على مقعد شاغر لأغير مكاني.. في تلك اللحظة هدأَت أحلام والندم باد على وجهها كأنها تريد أن تعتذر.. أردتُ أن أشرح لها أن ما حصل هو مجرد صدفة وإذا بالمضيفة تناديني من بعيد: "سعد.. سعد.. ". اندهشتُ عمن أخبرها باسمي..
امعنت في الاستماع فإذا هي زوجتي تناديني للاستيقاظ من النوم ....

75) حلم يتكرر ()

أمشي جنبا إلى جنب مع أحلام لوحدنا على بساط عشب شاسع أخضر وجميل ونحن جد سعداء.. نتسلق مرتفعا خفيفا، وهي على يميني.. نصل إلى القمة فتتراءى لنا قناة مياه اصطناعية مستقيمة تفصل الجهة التي كنا فيها عن مدينة ذات طابع أوروبي.. في القناة باخرة سياحية تسير ببطء شديد.. المنظر جميل جدا.. أحلام تدير وجهها ناحية اليمين لتتأمل الباخرة بينما أنا أخطف نظرة إلى اليسار لأتفقد القناة علني أجد قنطرة نسلك منها نحو الضفة الأخرى.. وفجأة أدير وجهي نحو اليمين فأجد أحلام قد اختفت ولا يوجد لها أي أثر.. فأتساءل هل كنت أسير مع شبح؟.. أنزعج ثم استيقظ فأجد قلبي يدق بسرعة وكأنني كنت أعيش حقيقة تلك الواقعة..

أحلام مستحيلةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن