الحلقة 22 (الأخيرة)

393 10 4
                                    

76) سأطلب يدها.. (8 يوليوز2012)

ازداد شوقي لرؤية أحلام بعد أن انقطع الوصال بيننا.. وفي صباح إحدى أيام السبت انتابني شعور غريب.. فوجدتني أتساءل مع نفسي: ماذا أريد منها؟ نعم أحبها.. لكن ثم ماذا؟.. لن يتردد كل من يرغب في الزواج ويتعرف عليها أن يطلب يدها..

إلى متى سأستمر في عذابي بحبها وهي بعيدة عني؟.. يجب أن أتخد قراري قبل فوات الأوان.. يجب أن أطلب يدها.. نعم أريدها زوجة لي.. لكن كيف؟ ومن أين أبدأ؟ فكرت ثم قررتُ.. قررت أن أتأكد أولا من موافقتها ثم موافقة أهلها.. بعد ذلك أفاوض زوجتي وأبنائي وفي الاخير أخبر عائلتي.. الخطوة الأولى مع أحلام يجب أن تكون ميسرة: هل أطلب لقاءها خارج بيتها في موضوع ضروري؟ أم أخبرها أنني قادم إلى منزلها ثم أطلب التحدث معها لوحدنا؟.. تخيلتُ جميع الاحتمالات.. ووجدتُني تائها، فأجلتُ الزيارة ليوم غد حتى أستخير وآخذ الوقت الكافي للتفكير..

أكيد أنها لن تتجرأ للحديث مع والديها.. لذلك قررتُ.. قررتُ أن أفاتح أباها أولا وبدون بروتوكول ولا رسميات.. سوف أقول له أنني مسرور بعلاقتي معه وأهنئه على حسن تربية أبنائه وبناته، خاصة أحلام التي تعرفتُ عليها عن قرب.. سوف أقول له أن أحلام عندي غالية وعزيزة، وأنني أريدها زوجة ثانية على سنة الله ورسوله، وأنني مستعد لمناقشة كل الشروط.. نعم أريد رضى والديها ثم رضاها وبعد ذلك أفاتح زوجتي..

في اليوم الموالي لم أخبر أحلام أنني قادم.. فقد تغيب عن المنزل ساعة وصولي.. انتظرتُ أباها أمام مسجد الحي بعد صلاة العصر، التقينا فدعاني لشرب شاي ببيته.. كان ديكور البيت جديدا ذا لون فاتح.. ربما أحلام تكرمت على والديها من راتبها.. تحدثنا مع بعض  في العموميات ثم قال: "انتظرني قليلا".. خرج وتركني لوحدي.. كانت بالنسبة لي فرصة كي أرتب أفكاري فأفاتحه في الموضوع.. اختلطَت لدي أحاسيس الفرحة بالقبول مع مشاعر الخوف من الرفض.. ازدادت دقات قلبي.. ثم مسكتُ أعصابي فهدأْتُ.. نعم.. سأقوم بخطوة مسؤولة أمام نفسي وأمام أحلام..

وفجأة أتى مبتسما بطبق من الحلوى متنوع الأشكال.. قال: " تفضل هذه الحلوى من خطوبة أحلام.. لقد تمت خِطبتها البارحة......"

لم أعط الوقت لقلبي ليتألم ولا لأعصابي أن تنهار ولا لدموعي أن تسيل ولا حتى لوجهي أن يحمر.. تمالكتُ نفسي بقوة فقلتُ له متظاهرا بالفرحة "مبروك عليها.. تستاهل كل خير".. حكى لي أنه تقدم لخطبتها أشخاص كثيرون وأنها قبِلَت أخيرا بشاب 'ولد الناس'، تعرفا على بعض في إطار العمل.. لم أكن أركز في كلامه.. كان همي كله أن أحافظ على هدوئي..

قبل أن أنصرف، نادى على أحلام.. كانت مرتبكة قليلا.. باركتُ لها خطوبتها وأنا أتظاهر أن كل شيء عادي..

مباشرة بعد خروجي من بيت أحلام أحسست أنني على وشك الانهيار، لكنني لممتُ أفكاري بسرعة.. يجب أن أكون إيجابيا.. يجب أن أكون أقوى من قلبي.. ابتعدتُ قليلا ثم أوقفتُ سيارتي.. نعم أحلام اختارت الزوج الذي يناسبها وكفى.. فخَطَر ببالي أن اتصل بها.. ثم تساءلتُ: لماذا؟ ألِأُعاتبها؟ أم لِأسمع عتابها؟ أم لأشرح لها ما وقع؟ لا.. لا.. لن تصدقني! ولا فائدة من ذلك!

ثم فكرتُ أن أعتذر لها عن مجيئي، إذ أن أبواها قد يشكان في أمر زيارتي التي أتت مباشرة بعد خطوبتها.. لكنني خِفت من حالتي النفسية.. خِفت أن أعكر عليها فرحتها بدون وعي مني.. استجمعتُ قواي ثم جزمتُ أن الخير فيما اختاره الله.. فقررتُ أن أذهب إلى حال سبيلي وألا اتصل بها.. ربما ما وقع هو أفضل مَخرج لعلاقتنا..

نعم، أحببتُها.. ولا يمكنني إلا أن أتمنى لها السعادة في حياتها الخاصة.

77) ألم الفراق (8 يوليوز2012)

صدق من قال: "لا نعرف قيمة الشخص إلا حين نفقده.."

أحسست كأنني فقدتُ للتو شخصا غاليا للأبد.. فانتابني حزن كبير وأنا أسوق سيارتي في اتجاه مدخل الطريق السيار..

خِفتُ من توتر أعصابي فأوقفتُ سيارتي مرة ثانية.. المكان شبه خالي إلا من بعض السيارات التي تجوب الشارع ذهابا وإيابا.. أغلقتُ النوافذ ووضعت يداي وجبهتي على المقود وبدأتُ أبكي.. بكيتُ بحرقة.. انهارت دموعي بغزارة على خدي.. صرختُ، وأجهشتُ بالبكاء.. نعم.. بكيتُ بكاء طفل نُزِعَت منه أشياءه العزيزة بدون إذن ولا رضى.. بكيتُ سوء حظي.. ندمتُ على تقاعسي في اتخاذ قراري..

بقيت على هذه الحالة مدة من الزمن.. وفجأة تخيلتُ أن سيارتي محاطة بأشخاص يتساءلون عما بي، فرفعتُ رأسي.. الحمد لله.. لم يكن هناك أحد.. فهدأَت شجوني واسترجعتُ قوتي.. ثم أكملتُ طريقي بعد أن مسحتُ دموعي..

في البيت ولكي أخفي أحاسيسي لجأتُ إلى حاسوبي.. وهممتُ بالإبحار في أرشيف محادثاتي مع أحلام.. فأدركتُ أنني سأبقى أسيرَ ماض تولى.. ثم بدأتُ أمحو ذكرياتي.. مسحتُها بقسوة من الحاسوب.. دون أن أدري أنني لن أقدر على إتلافها.. هناك حتما نسخة كاملة في قلبي..

بعد ذلك أخدتُ دوشا.. اغتنمتُ خلوتي وهدير ماء الرشاش فبكيتُ مرة أخرى.. صرختُ بألم: "أحلاااااام ".. "أحبك".. "أعشقك".. بل تابعت: "والله أنا أحبك".. ثم تساءلتُ مع نفسي: "هل أحلام تسمعني؟"..

ومنذ ذلك الحين أصبحَت مياه الدوش تذكرني بحبيبتي فأستعرضُ ملخص الحكاية عبر قصيدتي (أنظر خاطرة رقم 21 في الحلقة 5).. فيختلط لدي الفرح بالأسى.. فرحٌ لأن عندي قلبا أحب بصدق.. وأسى لأن حبي لم يكتمل.

نهاية.

إلى هنا تنتهي قصتي على وقع زلزال لم أكن أتوقعة .. وكل زلزال تتبعه ترددات خفيفة أحيانا تكون عنيفة.. لكن على المدى البعيد تتم إعادة البناء.. وتبقى الذكرى راسخة..

أطلب من كل من يطلع على قصتي أن يلتمس لي الأعذار.. فحياتنا ما هي إلا مجموعة من الوقائع، بعضها كان ضمن أحلامنا السابقة والكثير منها أتى بمحض الصدفة ولم نكن ننتظره..

ستبقى "أحلام" ذكرى جميلة في حياتي، أتمنى لها حياة سعيدة مع زوجها وأبنائها..

"أحلام وسعد" هي أسماء مستعارة.. وسنوات الأحداث ليست صحيحة.. لكن الوقائع حقيقية..

قد أكتب خواطر حول ما بعد الزلزال بعنوان: "حبيبتي تزوجت" حين تسمح الظروف.. وعلى حسب مدى اهتمامكم..

أعتذر من عشاق اللغة العربية عن كل خطإ في النحو أو الصرف أو التعبير..

وأخيرا أشكر كل من ضغط على زر الاعجاب عند كل حلقة أعجبته.. ومرحبا بكل التعاليق..

أحلام مستحيلةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن