ارتجفت..
ارتعدت أطرافها..
ترقرقت الدموع في عينيها..
خفق قلبها في قوة و عنف، و هي تتطلع الي ذلك الطبيب الوقور الاشيب، الذي حملت عيناه حنان الدنيا كلها و شفقتها، اختنقت الكلمات في ثنايا حلقها، و جاهدت ليلفظها لسانها المتحجر الجاف، و صوت الطبيب يتسلل الي أذنيها عطوفاً، آسفا، و هو يغمغم.."معذرة بنيتي.. اعلم أن الحقيقة مؤلمة، و لكنني لا استطيع إخفاءها عنك، فلقد صار قلبك حساسا يُنبئ بالخطر، ورسم القلب الاخير، الذي بين يديّ الآن يؤكد ذلك."
خرجت الكلمات من بين شفتيها الجميلتين، مرتعدة و شاحبة..
"هل.. هل يعني ذلك اني..انني سأموت؟"
خفض عينيه في أسى، و كأنما يخشى أن يواجهها بالجواب، و هو يتمتم..
" لا احد يعلم متي سيموت بنيتي، و لكن.."
صمت لحظة، و ازدرد لعابه بصوت مسموع، و بحركة واضحة في منتصف عنقه، و تابع كلامه..
" و لكن الحالة بالغة الخطورة بالفعل."
امتعق وجهها، و غابت منه الدماء، انكمشت في مقعدها، و كأنما تتشبث به مع ما تبقي لها من ايام في هذه الدنيا، و بكي قلبها قبل أن تنحدر الدموع من عينيها..
ستموت.. ستنتهي حياتها القصيرة..لن تبلغ الشيخوخة أبداً..
يا للقدر!! كان يحلو لها في حداثتها أن تتمني ذلك..
أن تأمل أن تموت في شرخ الشباب..
كانت تخشي أن يبلغ بها العمر مبلغ جدتها العجوز، التي كانت تحيا معها قبيل وفاتها..كانت تخشي أن يذهب جمالها و يذوي..
أن تضيع حيويتها..و كانت تتطلع لوجه جدتها المتغضن، الذي امتلأ بالتجاعيد، و الي نحول جسدها، و انفاسها التي تلاحق مع أقل مجهود، و آلام شيخوختها،و تهتف بكل ما يملأ جسدها الصبيّ من حيوية.."ارجوك يا الهي.. أمتني شابة.. لا تجعلني أبلغ هذا العمر.."
و ها هو ذا اله يستجيب لدعواها..
فلماذا ترتجف هلعا هكذا؟ و ما الذي تخشي أن تفقده في هذه الدنيا؟ أنها لا تملك شيئا.. و لا أحدا..لقد كان القدر قاسيا عليها، فسلبها والدها، و هي بعد في رحم امها، و ترك لها هذه الأم عاما واحدا، لترضعها لبنها و حنانها، ثم سلبها منها بدوره..
و أصبحت هي يتيمة، و هي لم تتجاوز عامها الأول بعد..و لم يبق لها سوي جدتها.. و ذلك المعاش الضئيل الذي تركه جدها..
و لم يترك لها والدها شيئا.. كان عاملا فقيرا، و مات شابا، قبل أن يدخر قرشا..
و في كنف جدتها عاشت، و منحتها جدتها رعايتها و رعايتها و حبها.. منحتها أقصي ما يمكن لاعوامها السبعين منحه..
الحقتها بالمدرسة الابتدائية، و من ثم الإعدادية، ثم الثانوية، و عندما حصلت علي تقدير جيد أصرت جدتها علي أن تستكمل تعليمها الجامعي.. علي رغم قلة الدخل، و كثرة المصروفات
أنت تقرأ
You're my Destiny || MYG
Romanceعندما يلُوح لنا أننا ندير حياتنا بعقولنا وحدها.. عندما نتصور أننا نملك الزمام تماماً... عندها يحلو للقدر أن يتدخل... و عندما يفعل، لا نجد أمامنا سوي وسيلة واحدة للنجاة... الاستسلام التام!! Started: 20th of February 2021 Ended: 20th of April 2021