اللُغز

356 40 8
                                    

ارتياح شديد أحست به هانا، في ذلك البنسيون، علي الرغم من مرضها..

ألفة رائعة، تلك التي كانت تربط بين نزلائه و مالكته.. و علي عكس ما بدا لها في البداية، كانت مدام انجيل، صاحبة المكان، سيدة حنونة عطوفة، تعطي نزلائها جل اهتمامها، كما لو كانت أماً رءوما لهم...

كانت تستيقظ في الصباح الباكر، تعد طعام الافطار، تدق برقة علي باب كل حجرة من الحجرات، داعية الجميع لتناول الطعام، كانت تخصّ هانا بقبلة حانية، تحمل الكثير مما حرمت منه الأخيرة من حنان الام..

و بعد اسبوع واحد فقط كانت هانا قد علمت الكثير حول المكان..

عرفت أن السيدة انجيل هذه سيدة يونانية الاصل، هاجرت مع زوجها الراحل الي كوريا، ايام كانت الحكومة تعطي الكثير من الصلاحيات لغير الكوريين..

ايامها كانت مدام انجيل في سن الخامسة عشرة، و حاول زوجها انشاء تجارة لهم في كوريا، و لكن عندما تغيرت الحكومة و تغيرت الكثير من الأشياء حقا، لذا اضطر الي العمل في أحد المتاجر في سوق نامداميون، و اشتهر كثيرا بدماثة خلقه و حبه الشديد للاطفال، حيث حرم هو و انجيل الانجاب..

و عاشت انجيل محرومة من الاطفال، فراحت توزع عاطفة الأمومة في أعماقها الي سكان الحي، حتي بلغت الأربعين من عمرها..

و من ثم توفي زوجها.. و هكذا فقدب انجيل بوفاته عائلها، و دخلها.. و من هنا جاءت فكرة البنسيون..

لقد كانت تعيش في منزل ضخم، من اربع حجرات، فقررت أن تجعل منه فندقا صغيرا، يمنحها دخلا كافيا للعيش، و يؤنس وحدتها بنزلائه..

و عرفت منها هانا أنها أول فتاة تنضم الي قائمة النزلاء، بل صارحتها انجيل ببساطة أنها تخوفا منها في البداية، ثم ما لبثت أن احبتها و شُغِفَت بها، خاصة و أنها كانت تتمني إنجاب ابنة..

و بدورها قصّت عليها هانا قصة وفاة جدتها، و ما سبق ذلك من احداث، و ما تلاها من استيلاء صاحب المنزل علي شقتها..

و لكن بدون ذكر أمر قلبها..

فضّلت أن تحتفظ لنفسها بهذا السر..

أنه سرها..

و حياتها..

ولقد اعتادت صعود درجات سلم البناية رويدا رويدا في بطء، حتي لا تجهد قلبها، و اعتادت أن تقف أمام باب البنسيون لتلتقط انفاسها، حتي يهدأ خفقان قلبها الضعيف، قبل أن تدخل إليه..

و كأنها كانت تخجل من مرضها..

و كأنه نقطة ضعف حياتها..

و لقد عاونها في إخفاء أمرها، أن أحدا لا يتدخل في حياتها..

حتي السيد كانغ.. صحيح أنه يقص قصته كلما اجتمعا معا في احدي الأمسيات، و لكنه ابدا لم يسألها عن قصتها، أو حاول فرض نفسه علي حياتها..

You're my Destiny || MYGحيث تعيش القصص. اكتشف الآن