متَّبعًا إيّاه.

|٢|أنت التالي.

أهلًا وسهلًا 

"كالعيسِ في البَيْداءِ يقتُلُها الظَّمأ والماءُ فوقَ ظهُورِها محمولُ."

 -طرفه بن عبد

_________

الرابع من فبراير

"إلعَب" تفوَّه أريز فورَ جلوسه على مكتبه مُبتسمًا، ورقةٌ كبيرة بعضَ الشيء مكتوبٌ عليها أيضًا "أنتَ التالي" لم يكترث للمكتوب بتاتًا، ولا تزالُ فكرة أنها مزحة من أصدقائه في العمل تحومُ في رأسه.

باشرَ عمله ككُلِّ يوم وأسئلةٌ كَـ "فكرك رح يرجعوا حظر يوم الجمعة؟ قولتك بتثلج؟" تنهالُ على رأسه من زُملائه.

أريز يعملُ كمحاسب في شركة تُعتبر جيدة، وأجل، هُو من المحاسبين اللذين يمتلكون رصيدًا جيِّدًا في البنك، مُحاسبٌ بلا زوجة للأسف.

هذا ما كانت ستقوله والدته عنه إن كانت هي راوية الأحداث، أمّا أنا فلا أرى ضيرًا في عدمِ زواجه إلى الآن.

فورَ انتهائه من عمله توجَّه لسيارته ليرَ أنَّ ورقة صغيرة مُعلقَّة كمخالفة على زُجاج السيارة، سيارته موضوعة في موقف سيارات الشركة فلمَ المخالفة الآن!

أم أنَّ المخالفات باتت تُوضع حتى في المواقف؟ يُريدون نهبنا صحيح؟ هذا كُلُّ ما كان يُفكِّر فيه أريز إلى أن تفاجئَ من فحوى الرسالة القائل: أنت التالي، أ ر ي ز.

طوى الورقة ورماها على الأرض بغضب وتوجَّه لسيارته غاضبًا مُتمتًا "هاظ الناقص"

كلُّ مخططات أريز لهذا اليوم تتمثَّل بِـتناوله للغداء، الجلوس على هاتفه، والإستماع لتذمرات إخوته وأمه.

دخلَ إلى حديقة المنزل ليرَ أنَّ أبناء إخوته بأكملهم مُتجمعون معًا يلعبون لُعبة الإختباء "إيش!" قالَ أريز فورَ أن تلاقت عينه مع عينِ واحدٍ من الأطفال ليرفع الطفل سبابته على فمه دلالةً على أن عليه الصمت، فهُم يلعبون.

التفتَ حوله ليرَ أنَّ ابنَ أخيه عبدالله هُو من يبحث عنهم، ابتسمَ ابتسامةً ماكرة ثمَّ قال "إيش يا عبدالله؟ أدوِّر معك؟"

خطته نجحت تمامًا، حيث أنّ الطفل الذي دعاه للصمت صرخَ قائلًا "لا لا يا عم" قهقهَ أريز فورَ خروج مُحمد من مكان اختبائه.

من الجدير بالذكر أنَّ مُحمد هو أكثرهم انفعالًا، وأريز يعلم ذلك بشكلٍ جيد، لذلك يحب استفزازه هو بالذات.

"كومستير" صرخ عبدالله ليصرخ محمد هو الآخر "والله ما بلعب، الدور الجاي على أريز ما الي دخل"

تسع سنوات فقط عمر محمد، تحدَّث مع عمك بطريقة جيدة أيها الطفل.

انصاعَ أريز لطلبِ ابن أخيه، لا ضير من مشاركتهم اللعب قليلًا قبل الدخول لسماع نصائح والدته عن الزواج في الداخل.