السلام عليكم، طابَ يومُكم.
بعد نيل مُتَّبعًا إياه المركز الثاني في مسابقة النوفيلا الحُرة، بتُّ أعتبر هذه الحروف التي نسجتها شيئًا ثمينًا.
وعلى إثرِ هذا الشعور، أردتُ التحدَّث عن أحداثها قليلًا، وأرجو ألّا تطولَ هذه الـ "قليلًا" متحولةً إلى روايةٍ أطولَ من هذه النوفيلا، ولكن ما باليدِ حيلة فالفرحة لا زالت تملأني وحُبي للشخصيات وعالم الكتابة تجدَّد بشكلٍ غير معقول دافعًا إيّاي إلى تركِ كل ما كُنت في زحامه.
بسمِ الله نبدأ وعليه نتوكَّل.
فورَ قراءتي للفكرة 124 من فصل الأفكار في كتابِ المسابقة، أسرتني جملةُ أنت التالي، وشعرتُ لوهلةٍ أنها تحملُ معنًى مبطنًا.
لطالما ترددت في أذهانِ شبابنا العربي هذه الكلمة، ولكن بحُلةٍ مختلفة، فكلهم منذُ صغرهم مكلفون بالدراسة، ومن ثم البحث عن عمل، ومن ثم الزواج، تزوَّج أخاك، إذًا أنت التالي، ولا يخفى الأمر على الفتيات، فجلهن إن لم يكنّ كلهن يحملن على عاتقهن همَّ الزواج والسير في معترك الحياة شئن أم أبين.
ولا أقول من منبري هذا أن الزواج والبحث عن عمل ثم الدراسة أمرٌ بغيض، فهذه الحياة الطبيعية حلمٌ للكثير، وهدفٌ سامٍ بالطبع، إلا أنَّ طريقة سير كل شيء هو الأمر الذي لا أطيقه.
فإلزامُ الشخص على دراسةٍ تخصصٍ معين أمرٌ خاطئ، والأسلمُ هو تركه ليبحثَ عمّا يحبه، دونَ إمطاره بعباراتٍ مثل أنت التالي وأخواتها.
الزواج سنةُ الحياة بالطبع، ولكن ليسَ على الشخص أن يُلزمَ بعمرٍ محددٍ للزواج، بل على راحته ورغبته، وهنا يكمنُ بيتُ القصيد، أنَّه ليسَ على المجتمع الضغطُ على شبابه، وليسَ على الأسرة إرهاق أبنائها وبناتها، بل علينا إخبارهم من الأساس أن هذه الحياة حياتكم، وأنتم المسؤولون عنها، أعطهم الأساسات المتينة، وهم لوحدهم سيبدأون بشقِّ طريقهم ولو بملعقةٍ صغيرة.
لا أقولُ أنني وضحت كل هذه الأفكار في طيات النوفيلا، إلا أنني حاولت، ومن هنا بدأتُ برسمِ حدودِ الشخصيات.
وللأمانة، لا أذكر كيف بدأتُ تحديدًا بتكوين مسمى الغل، وكيف أتت فكرة يولاند على بالي من الأساس.
إلا أنها أتت وحصلَ ما حصل من تغيراتٍ في شخصيتها، لأصل معها في النهاية إلى أكثرِ أمرٍ أفتخرُ بوصولي له.
وهو ما ترمزُ له يولاند.
لنقل أن مملكة الغل هي عالمنا وديننا الإسلامي تحديدًا، ويولاند هي شخصٌ مسلم لم يجِد شيئًا بسيطًا، وهو الخشوع في صلاته، أو مثلًا لذة القربِ من الله.
حاولَ كثيرًا، إلا أنه لم يجد اليقين حتى، فتركَ محاولاته في التقرب من الله؛ لأنه يراها كما رأتها يولاند، أمرًا مؤذيًا لا يستطيع احتماله، وفرَّ بنفسهِ إلى عالمِ المعاصي، عالمٌ شائك يظنُّ المرء في بدايته أنه يستطيعُ السيطرة على كلِّ ما فيه، فتراه مثل يولاند يتفنَّن في معاصيه بل ويرى نفسه يحبها، وإن لم يجد السكينة واليقين، فهو قد وجدَ ما يشغله عن التفكير بهذه الأمور.
إلى أن وقعت يولاند في المشكلة الكبرى، وهي خطفها من قبلِ ذلك الجني، وهي نقطة تحوُّل ألوم نفسي على عدمِ ذكرِ تفاصيلها، ولكن لنقل أن تلك الفترة كانَت الفترة التي أخبرت يولاند أنّه لا حياة لها بدون عالم الغلِّ وقوانينه، كما لا حياةَ لنا بدونِ شرعِ الله.
لتعودَ يولاند بعدَ تلك الفترة العصيبة مقتربةً من عالم الغل أكثر، ولتعودَ بعد فترةٍ وجيزة كما باقي الغل، تستمتعُ بالطاقةِ التي تأخذها من المركز الاكبر، بل وتجدها كفاية كما كانَ الجميع يُخبرها سابقًا.
ما أردتُ إيصاله أنَّ لذة القرب من الله أمرٌ إذا ما جربناه لن نستطيع الابتعاد عنه أبدًا، والطريقةُ التي ستقربنا منه تختلفُ حسبَ اختلافِ أنفسنا وطبيعتها، ولكن الأهم، إذا رأيتَ نفسكَ الآن مبتعدًا، اقترب.
فوالله لا لذةَ إلا بقربه.
في جعبتي كلامٌ كثير، لكنني بدأت أنساه شيئًا فشيئًا، عمّن عليَّ التحدثُ أيضًا؟
أريز مثلًا؟
أحلمُ برؤيةِ شخصٍ مثلَ أريز، وأتمنى أن أجد، أمّا حواء فهي الأقربُ لقلبي، فقد وضعتُ في هذه الشخصية الكثير مني.
لنقل تحديدًا أن كل شخصيةٍ في الرواية وضعتُ فيها شيئًا مني، والعالم الذي كوّنته ورسمته هنا عالمٌ قريبٌ لقلبي ابتداءً من إخوة أريز وأبنائهم، إلى اللطف المخيمِ على عائلة ليليت.
يبدو أن ما رجوته في البداية تحقَّق، وكلماتي كلها تقفُ الآن حائرة،-من الآخر بطلت أعرف شو أكتب س س سلام-

أنت تقرأ
متَّبعًا إيّاه.
Misterio / Suspensoفي منتصفِ تكراره لأيامه الرتيبة يصطدمُ أريز بجملةٍ تتبعه في كل مكان تخبره أنه التالي. يظنُّها في البداية من مجهولٍ عابث، ثم من متعقبٍ تافه، ليصطدمَ في النهاية برؤية أنها منها. -الرواية مشاركة في مسابقة النوفيلا الحرة ٢٠٢١ -الفكرة ١٢٤ فقط. -غموض،...