وجيه البارودي (رأيت الناس تنصح)

82 2 0
                                    


رأيتُ العار كُل العار فيما جنتُه النفسُ من مُتع الجمالِ
ولكني رأيتُ العين ترعي كما تهوى ولا أحد يبالي
فيا نفسي حرامُ كل وصلًَ عليك اذا اتجهت الى الكمالِ
ولا عيشُ مع اللذاتِ الا اذا حركت أجنحة الخيالِ
ويا عيني هنيئاً إن قلبي من الشوق المبرح في اشتعالِ
تمر بي الحسانُ فأشتهيها ولكن لا سبيل الى الوصالِ
ولو أُغمضت عيني عن سناها أسفت على التهتُك والضلالِ
أداوي كل مُعتلً فلما اعتللتُ عجزت لم أشفي أعتلالي
وقال الناس صار وجيهُ فذاً فأهلاً بالفُحولِ من الرجالِ
وأُلبستُ الوقار وسرتُ قسراً مع العُقلاءِ أرسف في عُقالي
ولي نفسُ تحنُ الى التصابي وتبذلُ كل مرتخصً وغالِ
تلونُ في النهار جلال زُهدً وتنشطُ للحقيقة في الليالي
رأيت الناس تنصحُ لي لأبُدي خصالاً غير ما بي من خصالِ
وأخطر في برودً من رياءً فبُئس الذئب في جلدِ الغزالِ
جمالُ الذئب في تكشير نابً فلولا الناب سار مع السخالِ
كذاك المُرءُ في خلجات قلب والا فهو من جنس البغالِ
وكنت ولم تزل ياقلبُ صباً وعارُ أن تموت وأنت خالِ
تطلُعُ للقصي من الأماني فتُدركُه و تهزُأ بالمحالِ
تخوض غمار معركةً وقبلاً معارك ما أنتهت رُهنُ النضالِ
فيا قلبي كأنك ألفُ قلب بآن واحد في ألف حالِ
فمن ظفر لأخفاقً لسخط لشتى من أساليبِ أحتيالِ
وكم حُطمت ثم رجعت تبني قواك وعُدت تطمحُ للنزالِ
ومن فرط العياء قعدت عجزاً تشبثُ بالصلاةِ والابتهالِ
صلاتُك لا لتكفيرً ولكن لتغرير فيا سوء المآلِ

أدب عربيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن