" حب وليد "

318 70 156
                                    

دانبي :

أركض بخطواتٍ غير متوازنة كما لو انني أسير على فتات نبضي المبعثر ؛ نظراتي الحائرة تجوب الطرقات بلهفة بحثاً عنه في مساحات الفراغ الشاسعة
صوت انفاسي اللاهثة يسبق خطواتي بينما لا استطيع ترتيب حروفي التائهة !
لا يمكنني تصديق كلمات تشانيول تلك ؛ لا استطيع استيعاب قوله ان دونغهي منحنا موافقته للتصوير في ارض المزرعة بعد ما ابداه من رفض وعدائية لي سابقاً وهذا ما دعاني للجري بحثاً عنه

لا اعلم كيف سأواجهه او ما الذي يجدر بي قوله ؛ هل علي ان أشكره ام ان اعتذر منه ؟
هل يتوجب علي ان اكون سعيدة لكرمه المبالغ به ام أحزن ام يجب علي رفض عونه لي ؟؟

عثرت عليه أخيراً امام شاحنة كبيرة تحمل زجاجات الحليب التي انتجتها المزرعة ويبدو انها ستنطلق الى المصنع
بدا لي كما لو انه يقوم باحصاء زجاجات الحليب ويسجل عددها على دفترٍ صغير كان في يده
وحالما تقابلت نظراتنا وضع القلم والدفتر اللذين بيده جانباً وقلب عينيه ببرود قبل ان يستدير متجاهلاً لوجودي

تبعته بسرعة لاستوقفه متكلمة بصوت لاهث : لماذا ؟؟

توقفت خطواته على وقع تساؤلي واجابني دون ان يلتفت ناحيتي : صدقاً انا من يود طرح هذا السؤال بشدة ؛ لماذا اجدك حولي اينما ذهبت ؟؟

نبرته الساخرة تلك ما كانت لتشتت انتباهي عما اتيته من اجله فتكلمت : لماذا غيرت رأيك وقبلت بمنحنا المزرعة للتصوير ؟

التفت ناحيتي رافعاً حاجباً دون الاخر ببرود تجلى على تقاسيمه الحادة : امل انكِ لم تبني الكثير من الأحلام الوردية على هذا الامر ؛ ألا تظنين السبب واضحاً ، قبول هذا العرض سيدر علي بمبلغ جيد من المال بالاضافة الى الحصول على اعلان مجاني لمنتجات مزرعتنا وهذا سيضاعف من ارباحي فلماذا سيكون علي رفض هذا الأمر فقط من اجل فتاة مثلك ؟

قطبت حاجبي بغير تصديق لما في نبرته من استحقار طاغي : هل هذا هو سببك الحقيقي للموافقة ؟

ابتسم ساخراً بقسوة : لا تبالغي في تعجبك انستي ؛ لست عاطفياً بذلك القدر الذي من شأنه ان يؤثر على عملي ، لست مجرد مزارع وضيع كما تعتقدينني !

اضاف وهو يتقدم بخطواته مني معتداً فخوراً بنظراته التي غشاها حقد اسود دميم : لن اتركك تغادرين بهذه السهولة ؛ لدينا حساب علينا تصفيته ...

علقت كل الكلمات في حنجرتي ولم اجد رداً لكلماته العاصفة التي اخلت بتوازني فتخطاني ببرود بعدما ضرب كتفي بذراعه كما لو انه يخبرني بالكارثة المقبلة علي ..!
اغمضت عيناي بصمت وابتلعت غصة الالم في دواخلي ؛ لن يكون الامر سهلاً ابداً ؛ يبدو انني قتلت اخر ذرة من حب في دواخله لي وسأدفع الثمن باهظاً منذ الان .....
لن يكون هناك ما هو اصعب وأسوء من حب انقلب الى كراهية .. لا يوجد ما هو اكثر قسوة من لهفة انطفأت وغدا رمادها حقداً ....!

" العروس الهاربة " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن