" ثوب الزفاف "

923 79 127
                                    

دانبي :

الحياة فرص ..
كل فرصة تضيء سماء ايامنا كالبرق تتلاشى بسرعة ولا تعود ابداً اذا لم تنتهزها بسرعة البديهة ..
حياتي لم تكن كريمة الفرص ؛ قدري كان قاسياً وحظي كان عسراً مجحفاً بحيث كان علي ان انتهز فرصتي مقابل ثمن باهظ احياني على النقص لسنوات ...!

ورغم مضي هذه السنوات الطويلة المرهقة ؛ لازلت اجدني كلما رفعت نظري الى السماء عاجزة عالقة في ذات النقص الذي ينهشني ..
قدري حتم علي ان لا اكتمل يوماً ؛ احياناً يكون علينا ان نختار بين القلب والعقل ؛ وقد صنف البشر الى عقلانين واخرون عاطفيون حسب اختياراتهم بين القلب والعقل .

لكن انا لم يكن اختياري يوماً بين القلب والعقل ؛ اختياري كان بين نصفي ونصفي الاخر ..
اختياري الذي حتم علي خوضه كان جائراً بحيث لا اكتمل ابداً لكنني كنت على قدر هذا التحدي قوة واخترت .....

اجلس الان في المقعد الخلفي بسيارتي الخاصة اراقب أزقة هذه المدينة من خلف الزجاج بذهن شارد وقلب متوجس ثقيل
صوت صديقي المقرب ومدير اعمالي " بارك تشانيول " يشغل صمت المكان بصوته الرخيم متذمراً في آن وفي وقت اخر يستمر باعطائي التعليمات المعتادة التي لا يمل من شرحها باسهاب لوجوب توخي الحذر من التقاط اي صور لي من قبل الصحفيين وعن ضرورة تجنب اي مواقف قد تتسبب باطلاق شائعات لا حصر لها ..

بالمناسبة ؛ ادعى اوه دانبي ؛ وانا في الثامنة والعشرين من عمري ، وبهذا العمر بلغت اعلى مراتب احلامي وحققت اهدافي ..
اصبحت النجمة الصاعدة الأكثر شهرة في كوريا ؛ ضوء احلامي انار عتمة سمائي التي تلفحت بها طويلاً باكية
لكن نشوة السعادة بقيت ناقصة بدواخلي منذ الأزل ولا شيء يمكنه ان يشغل ذلك النقص الذي يتربع بصدري ليضخ الأسى في عروقي الذابلة ...!

سرحت نظري في الأرجاء متنهدة بثقل وسبحت عميقاً في غيابة ذكرياتي التي تركتها خلفي في هذه المدينة قبل ثماني سنواتٍ خلت قبل ان اترك ارضي الأم موكبو لاتبع احلامي في سيؤول ..

على اوتار حب سحبتني من بين خيوط القمر التي كانت اضواءه الخافتة تشق ظلام السماء الحالكة ؛ سرت بخطواتي الحذرة أرنوا على نبض قلبي الذي يسابقني اليه ..
كانت ليلة قمرية هادئة اكتمل فيها البدر في السماء ليشهد قصة حب بقدر طفولتها بريئة نقية .
قطعت الجسر الخشبي المعلق فوق ينبوع المياه الجارية بين ارض مزرعة عائلتي والمزرعة المجاورة التي تنتمي لعائلة " لي " ورب هذه العائلة كان صديق طفولة والدي الذي لم يفارقه يوماً ..

وصلت أخيراً الى اسطبل الخيل لابتسم بخفة بينما أتلفت حولي متأكدة ان لا احد في الجوار ثم دخلت بخطواتي المتسارعة أتلهف للقياه
وحال عبوري للبوابة شعرت بكفه تمسكني من ذراعي ليسحبني بقوة ؛ أسند جسدي النحيل الى الجدار الخشبي للاسطبل وحاصرني بجسده الهزيل ليتأمل تفاصيل ملامحي بنظراته الهائمة فأعلن نبضي العصيان وبدأ يصرخ بكل ما لدية من هوى يناجيه ...

" العروس الهاربة " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن