عندما لحق تاداشا بهارونا في تلك الامسية في مدينة فوكوكا، قررت هارونا ان تثق به لأول مرة، وان تترك له حرية اتخاذ القرار المناسب الذي يتلائم مع وضعها النفسي في ذلك المساء..
قام تاداشا بحجز تذكرتين للعودة الى طوكيو، وبذلك قد عاد الاثنان معاً دون ان يخبرا احدا من اصدقائهم.
كانت هارونا تشعر بالضعف والارهاق ، كما ان الاكتئاب بدأ يسيطر عليها وهي قد سمحت له بذلك، خاصة بعد رفض السيد توشيو لها و تزايد عدد الاتصالات المستلمة من والدتها. كما انها لم تكلف نفسها عناء شكر تاداشا لمساعدته له .
بدأت تتمنى لو تستطيع الاختفاء في هذه اللحظة او تغادر هذا العالم لتعيش في عالم آخر موازي لعالمنا لكن خالي من البشر ما عدا هي ، ولأن من المستحيل ان تتحق امنياتها - فليس لمصباح علاء الدين اي أثر في الحقيقة- قررت إذاً ان تقوم بغلق هاتفها و ان لا تستجيب لطرقات الباب العنيفة الي تكاد ان تكسر باب شقتها ، كما انها لن تهتم لقلق صديقاتها و صيحاتهن الجهيرة خلف الباب .
مرت أيام عديدة وهي لم تخرج من شقتها ، ولم تفتح هاتفها ، كما انها لم تذهب الى العمل وكذلك لم تأخذ إجازة مرضية ، فقد تغيبت وطال غيابها وكأنها بفعلتها هذه تريد ان تعاقب الجميع على شيء لم يرتكبوه لكن ، على من تكذب هي أنانية بعض الشيء ، لا تهتم لاصدقائها بقدر اهتمامها بذلك الشخص .
كم تمنت في أعماقها ان يفتقدها ويأتي لشقتها لكي يعتذر عما اقترفه بحقها و يحتضنها بعد ان يقنعها بالعودة الى العمل ، لكن هي تعلم جيدا ان الأحلام والامنيات لا تحقق في واقعها هي تحديداً .
بعد مدة وجيزة : قامت بفتح هاتفها كي تضعه على الشحن بعد ان انتهى عمر بطاريته ، وذهبت لتطعم تاملين التي فقدت من وزنها الكثير ، فقد تركتها هارونا عند بيت جارتها الاجنبية السيدة كارولين ، لكن السيدة كارولين امرأة عجوز ضعيفة لهذا لم تستطع ان تعتني بالقطة جيداً ، فهي لم تدخل اي حيوان لمنزلها قط ، لذا لا تعلم متى موعد اطعام الحيوان وكم وجبة يأكل في اليوم .
خرجت من المطبخ على أثر رنين هاتفها ، ويا لسعادتها الفائقة عندما رأت ان المتصل توشيو لا غيره .
- أجل . ردت بهدوء وهي تحاول ان تبدوا متماسكة .
- هل انت بخير ؟ سأل ببرود .
- انا بخير .
- لماذا لا تأتين الى العمل إذاً ان كنت بخير ؟ هل تستخفين بعملك ام تختبرين طيبتي معك ؟ صرخ فيها بغضب .
- آسفة ، لقد تجاوزت حدودي كثيراً ، سأعود غداً .
- سأخصم من مرتبك بعدد الأيام التي تغيبت فيها .
- لا بأس سيدي. تستطيع خصم مرتبي بأكمله . قالت ببرود وهي تعني ذلك . لينهي الاتصال دون ان يعقب على ما قالته .
أنت تقرأ
انتظار الخريف
Romanceتجاهل دموعها ليبتعد نحو النافذة وقد علق على قطرات المطر التي بدأت تتساقط على النافذة : - هل تحبين المطر آنسة هارونا ؟ سألها متنهداً ليصحح صيغة السؤال : - أعني هل تحبين الخريف ؟ - لا ، لا احب الخريف انه فصل متقلب يفاجأني دوماً بتوقعاته ، انا اكر...