الفصل التاسع

76 3 0
                                    

كانت غارقة بعملها في المكتب عندما شاهدت ظل أحدهم يقف متمركز امام باب مكتبها ، رفعت رأسها قليلاً لترى انه تاداشا .
عبوس طفيف ظهر على محياها جعله يبتسم بسخرية :
- اشتقت لك عزيزتي .. أخبرها بتهكم وهو يجلس أمامها دون ان تسمح له بذلك .

بادلته الابتسامة المتهكمة :
- أتساءل كم تملك من الجرأة لتأتي الى العمل بعدما ضربك السيد توشيو .  

همس لها وقد اصبح وجهه قريب منها :
- مثل الجرأة التي تمتلكيها بعدما قبلك ذلك العجوز .

غادر ليتركها متجهمة و قد اختفت ابتسامتها .  رعشة باردة سرت في أنحاء جسدها وهي تتذكر قبلة السيد توشيو لها قبل يومين ، كيف نسيت ذلك و كيف ستواجهه اليوم . 
صحيح انها رأته في اليوم التالي عندما جاء ليسلمها الحقيبة والهاتف ، الا انها كانت في المنزل و هو لم يأتي بصفته مديرها بحكم ان اليوم الذي جاءها فيه كان يوم عطلة و الناس جميعها تنسى مناصبها عند العطل والمناسبات . و حقيقة انها قامت بتقبيله مرتين لم تجعلها ترتبك و تخجل الى هذا الحد فهي كانت واثقة انه لن يهتم لأمرها مهما فعلت ، اي انها كانت يائسة لدرجة تقبيله حتى يستطيع ان يلمحها او تشد اهتمامه يوماً ما .

أحياناً نقوم بأفعال طائشة كي نثير ملاحظة أحدهم من بين الحشود ، فعدم اهتمام الشخص الذي يعجبك بك ليس اسوأ من ان تكتشف انه حتى لا يعلم من انت ولم يلحظك مسبقاً ، لكنه قام بتقبيلها الامر الذي لم تستطع تصديقه ، و عليها الان ان تتعامل معه برسمية و تحاول جاهدة حتى لا يفضحها ارتباكها امامه .هذا ما لا تستطيع ان تفعله ..

بينما كانت غارقة بخيالها و تساؤلاتها ، مر من امام مكتبها , كان قد اتى لتوه الى الشركة . تقابلت نظراتهما المتناقضة للحظة ، الثاقبة خاصته و الخجولة المترددة خاصتها .

شعرت بقلبها الذي بدأ يضرب بقوة مما جعلها متوترة أكثر. سكبت لنفسها قدح ماء و يدها ترتعش بينما تحاول ان تشربه بهدوء .

فجأة ودون حتى ان تروي ضمأها جاءها صوته الاجش من هاتف المكتب وهو يطلب ان تأتيه بكوبٍ من القهوة , لذا تركت ما بيدها من عمل و ذهبت لتسكب له قهوته المعتادة فهي تقوم بتحضيرها فور وصولها الى الشركة ، دخلت مكتبه بحرص بعد ان سمح لها بالدخول وهي خائفة ان تتصرف بطيش امامه و يوبخها .

- صباح الخير سيدي . قالت بابتسامة مرتبكة.

- صباح الخير . بنبرة رتيبة وملامح متغضنة.

لحظات صمت مرت بينهما وهما يتهربان بأعينهما حتى لا تلتقيا, الجو اصبح فجأة مربك والهدوء يطغي على المكان , ابتلعت ريقها وقد حاولت النطق ببعض المفردات الغير مفهومة بينما هو يحتسي قهوته بهدوء مربك  :
- اممم انا .. سيدي ..  اعني انت ..

ترك كوب القهوة على مكتبه و نظراته ثبتت عليها وهي تحاول استعادة شتات نفسها :
- ماذا ! قولي ما عندك بسرعة لدي عمل مهم ويجب ان انهيه بسرعة .

انتظار الخريف حيث تعيش القصص. اكتشف الآن