الفصل الثامن

101 6 6
                                    

توجهت هارونا نحو تاداشا وقد قامت بمسح الدماء من وجهه بواسطة مناديل أخرجتها من سيارته وهي تساعده على الوقوف .
- انت لا تستحق مشاعره . أخبرته وهي تشير نحو السيد توشيو .
- ماذا ؟ صرخ الرجلان في نفس الوقت فلم يفهما ماذا كانت تعني .

- لا تقلق سيدي ، أصبحت أعلم ذلك ، و أنا أحترم مشاعرك الصادقة . قالت للسيد توشيو وهي تقترب منه .

- ما الذي تهذين به يا آنسة ؟ سألها مستغرباً

- لقد علمت انك شاذ.....و ايضا انا أعلم ان تاداشا يعجـ..... أخبرته متلعثمة لكنها لم تستطع ان تكمل جملتها .

فقد أمسكها من رقبتها و سحبها باتجاهه ليطبع على شفتيها قبلة مخدرة لجميع أطراف جسدها ، أنستها من تكون و أين هي و كل ما يدور من حولها ..

شعرت كأنها في حلم جميل لا تريد الاستيقاظ منه وهي تطالعه مصدومة فمنذ ان التقت به و إلى الآن لم تتوقع منه شيئاً كهذا ، كانت تعلم ان هذه المشاعر التي تكنها له ستؤذيها و تدمرها قبل ان يعلم بها ، حتى عندما أخبرها تاداشا اليوم ان السيد توشيو رجل شاذ لا يهوى النساء ، رغم شعورها بالحزن و اليأس الا انها كانت تعلم في داخلها انه لمن المستحيل ان تحظى به لنفسها ، حتى و ان لم يكن به علة ، فهو من عالم مختلف كلياً عن عالمها ، انه رجلاً غني و صاحب أكبر شركة في اليابان و هي فتاة بسيطة و ساذجة لا زالت تعيش في عالمها الوردي الذي تأبى الخروج منه . لربما ستستطيع ان تتجاوز هذا العائق الطبقي بينهما ، لكنها لن تستطيع ان تتجاوز عائق العمر و اختلاف الخبرات ، كما ان عليها ان تتجاوز أكبر العوائق و أخطرها وهو المجتمع ، فالانتقادات والألسنة ستطاردها أينما حلت . لذا كان السيد توشيو مجرد حلم بعيد المنال كما النجوم تماماً ، فهي تراها تلمع في السماء كل يوم ، تعجب بها و تتمناها لكن الحقيقة انها لن تطالها أبداً .

اما السيد توشيو فبعدما لاحظ انه قد تخطى الحدود التي رسمها لنفسه . ابتعد عنها قليلاً وقد شعر بالتوتر .
- أنا آسف . همس وهو يكرر هذه الكلمة في ذهنه الشارد ..
و لأنه لم يكن يملك تفسيراً منطقياً لما فعله للتو ، غادر على عجل دون ان ينطق بكلمة .

كانت هارونا شاردة بذهنها لذا لم تلاحظه عندما غادر ، فهي ما عادت تشعر بأي شيء آخر سوى قلبها الذي يخفق بشدة ، حتى انها نسيت أمر تاداشا الذي كان شاهداً على ما حدث امامه ، وهو يشعر بالغرابة .
- هل قبلك هذا العجوز للتو ام يخيل لي ذلك ؟ سألها ساخراً
- من تسميه عجوزاً استطاع ان يتغلب عليك ببساطة ، رغم انك شاب رياضي .  أخبرته بنبرة منتصرة ، بعدما عاد لها وعيها .
- هل أصبحت جريئة الآن ؟ حسناً لا بأس ، لكن لا تعتقدي انه سيحبك بعد هذه القبلة .. أخبرها و هو يتجه إلى سيارته .
- كنت تعلم إذاً ؟ سألته
- أعلم ماذا ! قال بعد ان توقف .
- كنت تعلم انه ليس شاذ .
- كانت كذبة بيضاء حتى تنسي أمره و تخرجي معي . ابتسم باستفزاز ثم غادر بعدها .
- انه مقزز . همست لنفسها وهي تدخل باب العمارة .

انتظار الخريف حيث تعيش القصص. اكتشف الآن