الفصل الثالث

147 9 9
                                    

بعد اسبوع من ذهابها الى المتحف مع زميلاتها استيقظت هارونا وهي تشعر بالحر الشديد على صوت رنين الهاتف ..
كان الاتصال لوالدتها لكنها لم تستطع الرد عليها ، فهي ما زالت لم تسامحها على ما فعلته ..
و لم تلتقي بها منذ ما يقرب الاربع سنوات ، حتى انها لم تتحدث معها سوى مرتين فقط منذ مغادرة كيوتو ، الاولى في عيد ميلادها قبل سنتين حيث اتصلت والدتها لتهنئها ، والمكالمة الثانية كانت عند بداية هذه السنة عندما أخبرتها والدتها انها ستعمل عملية تجميل لانفها وارادت اخذ رأي هارونا في هذا القرار ، الأمر الذي جعلها تغضب أكثر من والدتها فقامت بإغلاق الخط ، ومنذ يومها ما عادت تجيب على اتصالات والدتها او رسائلها .

بعد اربع مكالمات لم يرد عليها ، تلقت رسالة من والدتها تقول فيها :
" لقد قدمت مع زوجي الى طوكيو ، لعمل مهم ، هل أستطيع ان التقي بكِ "

تغيرت ملامح وجهها بسرعة لتصبح متجهمة و دون تردد قامت بحذف الرسالة فوراً ، تعلم انها تتصرف بقسوة ، وهذا حقاً يرهقها ، لكنها لا تستطيع نسيان الماضي ولا تريد تجاوزه ..

رغم انها تشعر بالاشتياق الكبير لوالدتها و تمنت ان تسامحها يوما ما ، لذا تأملت أن تعذرها والدتها و تتفهم تصرفاتها وتكف عن الاتصال ..

لكن والدتها لم تكف عن الاتصالات طوال النهار ، بل كثفت اتصالاتها حتى تتمكن من الضغط عليها لتجيبها ، وهذا جعلها تشعر بالحزن اكثر ، فقد كانت هذه هي عادة والدتها المزعجة التي لم تتغير أبداً .

تذكرت كيف كانت تلح عليها لتستيقظ حين كانت تتأخر في النوم ، و كيف كانت تزعجها بأسئلتها المتكررة ان شعرت بأن ابنتها ليست على ما يرام ، وتبقى تنتظرها حتى تحكي لها عن ما كان يزعجها ، عندها فقط تطمئن ثم تصمت ولا تفتح الموضوع مرة اخرى ..

لم تكن تعاتبها او تنصحها كما تفعل جميع الامهات ، بل كانت تكتفي بسماعها تتحدث عن مشكلتها و تحكي لها ما يضايقها وهذا الامر يزعج هارونا كثيراً ، كانت تخبر والدتها متأملة عسى ان تعطيها حلاً ما او تنير طريقها ان كانت على خطأ ، لكن صمتها المعتاد هذا كان يشعر ابنتها بالوحدة ، حتى تحولت علاقتها معها الى علاقة جافة و سطحية ، و شيئا فشيء بدأت تبتعد عنها و لم تعد تتحدث معها كثيرا ، الشيء الوحيد الذي كانت متأكدة منه هو : ان صمت والدتها هو الذي سبب الفجوة التي بينهما الآن ..

كان عليها التوجه الى المطعم مساءاً ، لذا قررت ان تذهب مبكرة هذا اليوم . كي تهرب من ماضيها الذي يطاردها ..

قررت ترك هاتفها في المنزل كي لا تسمع اتصالات والدتها وتصيبها بالحزن والاكتئاب ، قبل ان تخرج من باب الشقة ، تلقت رسالة اخرى ، فكرت ان من الأجدر لها ان تقرأها ، حتى لا تشعر بالندم بعد ذلك ، اعتقدت انها ربما كانت تحتاج مساعدتها ولهذا ألحت باتصالاتها .
لكنها تفاجأت ولمعت عينيها من السعادة وهي تقرأ الرسالة ..

انتظار الخريف حيث تعيش القصص. اكتشف الآن