مع هدوء الفجر وقربة امحاء عتمة الليل وانكشاف الشروق والنور .. كان شكل الغسق رائع وخلاب بدأ في التجلي على سماء حي سموحة
خرج يحيى من المطبخ ومثلما تعود منذ فترة طويلة مراقبة الشروق من شرفته، وضع كأس مشروبه الساخن الأبيض ذو رائحة جوز الهند على الحاجز وعينيه على المباني بشرود
أحدث صدى خفيفًا لصوت هاتفه في غرفته تلفت له وعاود نظراته، لكن صوت الرنين لم يتوقف وزاد، فعلم أن والده يتصل عليه
تكلف على نفسه وهو يفتحه معاودًا للشرفة، مجيبًا بصوت ثابت:
( نعــم يا بابا؟ )أغمض يحيى كلتا عينيه بضيق كبير وهمس لوالده:
( هكون فين يعني؟ في شقتي )قاطعه عاصم بحزم:
( مش ملاحظ لهجتك اتغيرت معايا ونسيت إني أبوك؟ )بضيق كبير أخبره:
( عشان أنا كبرت مابقتش صغير )رد في استياء منزعج من تفكيره الخاطئ:
( لكن ماكبرتش على مرضك هيفضل ملازمك طول ما انت رافض تتعالج .. يا يحيى أنا رافض بياتك لوحدك عشان خايف عليك تجيلك نوبة الصـ ... )غمغم في امتعاض مقاطعًا لكلامه:
( برضو مصمم تعصبني وتخليني أحلف ما اعتب باب الڤيلا عشان نوبة الصرع )أضاف عاصم بنبرته العقلانية، ليزيل الغشاوة الحاجبة عن فهمه من هذا المنظور الضيق:
( يا حبيب أبوك أنا خايف عليك لو جتلك النوبة ماتلقيش حد يفوقك ويكون جنبك .. ماتتعبش قلبي يا يحيى انت اللي فاضلي بعد موت منيرة ومالك ماليش غيرك، أنا كبرت ولو في يوم سمعت حصلتلك حاجة هموت فيها )لم يجيبه يحيى، فصاح به:
( رد يا واد )قال بوجوم:
( انت بس اللي مكبر الموضوع ومديه أكبر من حجمه )واسترسل يحيى مجددًا:
( هبقى اجيلك بعد ما اخلص شغل .. سلام يا بابا )أخبره بلهجة ما بين اللين والشدة:
( سلام يا حبيب أبوك وأبقى خليك قد كلمتك وتعالى )نفخ يحيى بضيق من والده لا يزال يعامله كالطفل الصغير المدلل، ولمس بأصابعه الكأس الزجاجي الذي صار بارد .. زفر بملل ودلف لغرفته بعدما تعكر صفو يومه
كانت تستمع لمكالمته الحادة والخشنة من شرفتها ولحظها أنا تسكن بالغرفة التي فوقه، هل يعقل أنه يتشجار مع والده ويهجره ... كم حسدته لأنه يستطيع الابتعاد وقتما يريد عكسها مطلقًا
دلفت هي الأخرى لغرفتها وقررت أن تترك لنفسها الراحة مرة أخرى وفي نهاية اليوم كانت تقف أمام مرآتها الطويلة تنظر لنفسها
جيبة زرقاء مفتوحة إلى فوق ركبتها وبلوزة توب باللون الأبيض بدون أكتاف، وزينت شعرها ببندانة زرقاء قصيرة لفتها حول شعرها، ضخت من زجاجة عطر "Angel" ذات الرائحة الجميلة والماركة الفخمة ثم خرجت من غرفتها
أنت تقرأ
اقبلني كما أنا
Romanceيومًا ما ستقابل الشخص الذي يقبلك من أجل قوتك ويحبك بسبب ضعفك، سيحبك بدون قيود ودون خوف ويريدك دون طلب، لن يهتم بعيوبك سيقبلك كما أنت بروحك الجميلة. روايــة اقبلني كمـا أنـا بقلم فاطمة الزهراء عرفات