الفصل التاسع

5.7K 131 65
                                    

سار في المزرعة القديمة، فوجد ابن عمته متكأ على باب غرفة ما ينفث دخان سيجارة بلا تعبير يدل على ملامحه، رمقه يحيى بنظرات قوية وسأله بصوت صارم:
( فينه؟ )

( مرمي جوا زي الكلب )

أمسك يحيى بمقبض الباب وفتحه بانفعال، ونظر إليه وهو مقذوف على الأرض الصلبة المحملة بالأتربة، كان مقيد من ذراعيه ولم تتبين طليعة هيئته، تسائل بصوت متجهم:
( انت عملت فيه إيه؟ )

طرد فارس دخان السيجارة للمرة الثانية، وهو يجيبه بهدوء:
( علمته الأدب عشان طول لسانه عليا )

هز يحيى رأسه قائلًا بخفوت:
( هو الشملول كمان قليل الأدب؟ )

ثم اقترب منه وأمسك به من فروة رأسه وجذبها للأعلى ليتفرس في ملامحه عن آخر مرة التقى به، تدخل فارس في الحوار وأضاف قائلًا بصراحة:
( ده احنا لقينا عنده بلاوي هتوديه ورا الشمس .. حشيش وهيروين ونسوان )

نظر إليه يحيى بتعجب وسأله بدهشة:
( انت شغال في المخابرات يا فارس؟ )

دهس السيجارة قائلًا بمزاح:
( هما قالولي اشتغل بس أنا اللي رفضت )

خشى بيمبو منهما، فحاول أن يسيطر على رعشته، ثم هتف قائلًا بصوت مرتجف:
( انتوا مين وعايزين مني إيه؟ )

أمسكه يحيى من فروة رأسه وجذبه منها للأعلى حتى يتسنى له النظر في كدمات وجهه، ورد عليه:
( أنا قدرك الأسود لو ما نفذتش اللي هقول لك عليه )

ثم أمره بلهجة صارمة:
( مكية سند آ )

( البت الشمال .. انت مكتفني ومربطني عشان الزفتة مكية دي بت فاجرة )

منعه يحيى من استئناف المسبة وهو يمسك فكه بقوة وغلظة:
( هتغلط فيها أقسم بالله أدفنك مطرحك )

هز بيمبو وجهه محاولًا إبعاده عن كف يحيى القابض عليه، قائلًا بتوتر:
( يا باشا أنا هقول لك نصيحة أنا راجل لفيت على بنات كتير عارف المؤدبة بنت الناس من قليلة الأدب بنت الحرام لو في حاجة بينك وبينها ابعد عنها من دلوقتي دي بت لئيمة ومش سهلة وسمعتها مش مظبوطة )

انحنى يحيى بجزعه للأسفل، ونظر له مباشرة وهو يضيف بصوت محتد:
( أنا هنا اللي أتكلم )

ابتلع ريقه بخوف، وجحظت كلتا عينيه بخوف ظاهر وفغر فمه وهو يقول:
( تحت أمرك يا باشا )

ازداد ارتباكه، وتصبب عرقًا باردًا وهو يحاول أن يبدو متحكمًا في نفسه، وخلق أكذوبة سريعة:
( بس أنا ما جيتش جنبها هي اللي كانت بتتـ آآ )

سلط يحيى عليه نظرات قاسية وقد أضاف:
( شششششش )

تفاقم توتره بدرجة كبيرة، وارتعدت فرائصه وهو يتابع:
( يا باشا أنا آآ )

خلع يحيى حامل ذراعه، وألقاه على الأرض، ثم قال بزمجرة مثل الأسد:
( انت وسخ ضيعت مستقبلها وضحكت عليها بالإعلان الزفت بتاعك )

اقبلني كما أنا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن