ترانيم الأمل

10 2 2
                                    


لطالما كان الفنُ لغةً، يُعبر الفنان عن العواصف التي تتأججُ بداخلهِ من دون الحاجةِ إلى الكلمات. ولطالما كانت الموسيقى رحلة، من الآلةِ إلى القلب مباشرةً، محفوفةٌ بالذكريات، تزرعُ الأمل، تنشرُ الأحلام... كانت تلك هي وظيفتي، زرع الأمل وخلق الذكريات الجميلة في القلوب. أما الآن، مجرد قطعة خردة رُميت على حافة الطريق، انتهى بها الحال بين قطع القمامة، تتساقط عليها قطرات المطر، يتغذى على جذورها الصدأ، وصوتها بدأ يشيخُ ويختفي..

إن لم أعد أزرع الأمل في عيونهم البريئة، أكون مجرد خردةٍ قديمة قد سقطت في الهاوية وانتهى زمانها. أو هذا ما كنتُ أظنهُ قبل أن أُشاهد ذلك المشهد أمامي، وسط القمامات المتناثرة، وسط الوحل الداكن المسوّد، تحت قطرات المطر الباردة، ذلك الجسد الهزيل الصغير اللطيف البريء، قد تراكم الوحلُ على ساقيه، وأختلط الدمعُ مع قطرات المطر، وقد وجدتُ في وحدتهِ أملي وهدفي من جديد.

بذلتُ كل ما تبقى لدي من قوة، حتى أصدر ترانيم الأمل من جديد وأسرق انتباهه، وآهٌ لو أستطيع فقط وصف كيف تغيرت ملامح وجهه بالكامل؟ لو أستطيع وصف الدهشة التي رُسمت على تقاسيم وجهه، وكيف مشى على ركبتيه بفضول، وكيف نظر أليّ بعيونٍ حالمة، وكيف ارتسمت تلك الابتسامة على شفتيه الصغيرتين، وكيف يحتضنني بين يديه الناعمتين. وكيف كانت نبضاتُ قلبهِ تنبعُ الحُب والحنين. وكأن هموم العالم كلها قد تبخرت، وكأن العالم أصبح يشملنا نحنُ الاثنان فقط، مع الموسيقى التي تتأرجحُ في قلوبنا..

من مجرد صندوق موسيقى... قد عفى عليه الزمن

رسائل "علي"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن