كهامشِ ورقْ إعتدتُ المكوثْ لا يملء حيْزي سِوى الفراغْ وربما بعضُ الخرْبشات؛ ذلك الشعورْ الذي يرادوُني كلّما أجتمعتُ بالمقربينَ لدي بألّا تكونَ أنتَ بطلَ قصتكْ تزاولُ حياتكَ كشخصية ثانوِية تسأمُ الأحداثْ ولكن ليسَ بيدها حيلَة فهي لا تستطيعُ الهروبْ وحتى وإنْ هربتْ فلنْ يلاحِظَ أحدٌ ذلكْ..
هلْ ستأتي تلكَ اللحظة وأكونَ بطلَ قصتي؟
.
.
نرقصُ على تمايلِ تلكَ النغَمة الهادِئة ليتْبَعها عَقلي..يدها تُحيطُ كتفي بِرقة والأخرى أمسِكُها بكفي بِدقّة وكمْ أودُ البقاءَ للأزلِ هكذا..
إبتسامة تشْرِدُ منْ ثغرها تجعلُني أهِيمُ بها جنوناً
لم يقطعَ نظري إليها سِوى انتهاء المعزوفة يهددُ بفراقٍ قريبْ وكمْ مقَتُ ذلِك..
<<قضيتُ وقتاً رائعاً هنا شكراً>>.
نبستْ بها تُبعدُ يداها وعيناي ترفضانِ الإنفصال وليتَها ترى هذا
.
بإبتسامة خافتة أردفتْ : <<وأنا أيضاً>>.
.
عندما ذهبتْ شعرتُ بالفراغْ لأولّ مرة في منزلي..منزلي الذي اعتدتُ البقاءَ فيهِ بِمفردي طوالَ الوقتْ..
أجلسُ على أريكتي بكسلٍ معتاد أدخنُ سيجارتي بينَ حينٍ والآخر أنتظرُ الليل فاليوم هو يومي المنشود سَتُعرضُ لوحاتي في المعرضْ وبرغمِ حماسِي لا أرغبُ الذهابْ تباً لمناقضتي..
.
.
أنظرُ للسقفِ فوقي أُحاولُ النهوضْ ولا يزالُ عقلي يطالبُ بالمماطلة لأتفف..رنينُ هاتفي قاطعَ شرودِي لأرى اسمها المُحببِ لقلبي ولا أستطيعُ سِوى الردِ بإبتسامة..
<<لمَ لمْ تأتي إلى الآن سوف نبدأ!>>.
نطقتْ بها بذاتِ صوتها الي يقدّسُ العمَل..
.
<<هلْ يتوجبُ حقاً أنْ آتي؟ ألا يمكنُ أنْ يتمّ الأمرُ بدوني؟>>.
.
<<هل أنتَ مريض أو ما شابه؟>>.
.
<<لستُ كذلكْ لكنّي أشعرُ بالتوترِ قليلاً>>.
.
<<إذن إنهضْ وتعالْ إلى هُنا ليسَ لديكَ سوى نصفُ ساعَة مِن الآن>>.
بجدية أردفتْ لتُغلقَ الخطْ لا يبدو أنّ لديَ مهربْ..
.
إرتديتُ بذلةً سوداء لا تشْبِهُني يصاحبُها قميصٌ أبيض لمْ أستطعْ إرتداء ربطةِ عُنق فاستغنيتُ عنها ببساطة..
أربطُ شعري للوراءِ ليبدو مرتباً لأضعَ عطريِ وأنظرُ للمرآة..من يظهرُ عليها لا يشبُهني البتة..ربما لإعتيادي على مظهري الأشعثْ غيرِ المُرتبْ..
.
فورَ وصولِي نظرتُ لكمّ السياراتْ التّي توضّحُ رفاهيةِ أصحابِها..يتحلون ببذلاتٍ راقية ومزيجٌ من ألوانٍ تُزيّنُ فساتينهن لا أُميزُّ نِصفها..
أمامِ البوابة يقفُ السيدُ يشينغ بهيئتهِ التّي تُظهرُ للعيانِ مدى فخامتِه وبأيسرهِ تقفُ هيَ..منظرُها خاطفٌ للأنفاسْ سأودُّ تركَ الرسمِ والغدو شاعراً في سبيلها الآن ..ترتدي فستاناً طويلاً باللونِ الأسودِ القاتمْ يشبهُ لونَ شعرِها الذي رُفعَ بدقّة ليجعلَ عُنقها يزدادُ جمالاً..
.
أقفُ هنا منذُ دقائقْ فقطْ أنظرُ إليها وليدِها المُتشبثة بيده إلى أنْ قاطعَ حرائقي صوتُ السيّد يشينغ..
<<أتيتَ أخيراً لمَ كلّ هذا التأخير؟>>.
.
<<حسناً أظنُّ أنهُ مفعولُ التوتر>>.
قلتها بإبتسامة غبية تشبهُ موقفي وأنا أنظرُ ليديْهم
.
<<تبدو جيداً بالبِذلة أونيو>>.
نبستْ بها هي بهدوء أتمنى ألا يحمرّ خداي الآن
.
<<وأنتِ أيضاً تبدينَ جميلة..كعادتِك>>.
.
<<هل تُغازلُ خطيبتي أمامي الآن؛ هيا أمامي الزوار يريدون رؤية رسامِنا الجديد>>.
نطقَ بها مازحاً ليدفعَ ظهري للأمام.
.
.
أقفُ بمللْ أمامَ لوْحاتي أُجيبُ على التساؤلات التي يكونُ أغلبها عن معنى رسوماتي فلا أحد يجِدُها واضحة ولكنْ رؤية أنّها أعجبتْ الكثيرينْ زادنِي ثقة..
.
نظرِي بينَ الحينِ والآخر يزيغُ ناحيتها..لا زالتْ تستَقبلُ الضيوفْ بكلّ اهتمامها..بدتْ لي جميلة أكثرْ وهيَ هكذا لأبتسم..
فاجئني نظرها لي في نفسِ الوقتْ لأتسمّر وأشيرُ لها بغباء؛
بادلتني الإبتسامة والتفتتْ تُكملُ حديثها.
أردتُ ضربَ رأسي بالجدار ولكنْ سأبدو كالمجانينِ حينها..
.
أثناءِ عتابي الخاص أدركتُ كفاً تلوحُ أمامَ وجهي لأنتبه للسيدة الواقفة أمَامي..تزينُ وجهها بإبتسامة جميلة جليٌّ جداً أنّها مِن الطبقَة المخملية..
<<لا يبدو أنكَ تسمعنُي>>.
.
<<آسفْ ماذا قُلتي سيدتي؟>>.
تمشي بتمايلْ باتجاهي وابتسامتها تلكْ تزيدني توتراً
.
<<إممم سيدتي تلكْ أعجبتني..كنتُ أقولْ أنّ هذه اللوحة هي المفضلّة لدي..>>.
.
نظرتُ للوحة أؤكدُ على حديثها
<<وهلْ فهمتِ ما يدورُ خلفها أمْ فقطْ أعجبتكِ لمنظرها؟>>.
.
نظرتْ بداخلِ عيناي تضيّقُ المسافة بيننا لُتجيبَ بِثقة
<<جليٌّ هنا أنّكَ وحيدْ تسكنُ خيالكَ ولا شيء يؤنسك سِواه..>>.
.
نظرتي توَسعتْ هل هيَ رُبّما تقرأُ الأفكار؟ لمْ يفهمْ أحدٌ مِن قبل أفكارَ لوحاتي..
<<يبدو أنّني أصبتْ لنظرتكَ تلكْ..ما رأيكَ أنْ أساعدكَ في موضوعِ الوحدة هذا..>>
نطقتْ بها وهي تبتسمُ بجانبية..
<<وكيفَ تستطيعينَ ذلكْ؟>>
خرجتْ منّي مليئة بالسُخرية..
.
<<سأصبحُ صديقتك فقط>>.
كيفَ تستطيعُ التحدّثَ براحةٍ هكذا مع غريب.
.
<<أعتذرْ لكنْ لا أجيدُ تكوينَ الصداقات>>.
أجبتُها بإبتسامة مقتضبة لأخرجْ بإتجاهِ الباب وأترُكها واقفة أظنُّ أنّني بحاجة لشربِ سيجارة..
.
.
بانتهاءِ الوقتْ رميتُ ثالثَ سيجارة أرتشِفُها ولا أعلمُ ما خطبي؛ أتى السيّد يشينغ وعلى وجههِ ابتسامةُ رِضى أظنُّ أنّ المعرضَ سارَ جيداً..
<<قمتَ بعملٍ رائِع أونيو الزبائن أُعجبوا بلوحاتِك جداً يبدو أنّي سأرغمكَ لتجديدِ العقدِ معنا>>.
.
<<شكراً لك سأودُّ ذلك.>>
.
تبادلنا الحديثْ عنْ مبيعاتِ المعرضْ وبدى فخوراً بي لتميّز لوحاتي وشعرتُ بالفخرِ قليلاً..
.
تلكَ النغزة التّي تجابِهُ قلبي كلّما أتتْ هيَ لألتفتَ بناحيتها..
كانتْ تمشي بإتجاهِ وقوفنا بدا التعبُ جليّاً عليها لتتوقفْ فجأة وتنظرُ بعيناي بنظرةٍ لمْ أفهمها ولمْ أجدْ الوقتَ لذلكْ بسببِ سقوطها المفاجيء الذي صاحبهُ سقوطُ قلبي من الهلعْ..
.
ركضنا ناحيتها بقلقْ..سبقتهُ بحملها وركضَ خلفي فالوقتُ ليسَ مناسباً لمعاتبتي على حمْلها
فتح باب سيارتهِ لأضعها وصعدَ هو بِقربها يضعُ رأسها على قدمِه وكم آلمني ذلكْ ولكنْ هذا ليسَ مهمٌ الآن..
قدتُ ناحيةَ المشفى أزيدُ السرعة بِجنون كلّما زارتْ الأوجاسُ ذهني..
.
.
.
الحياةُ بدونها مقامُها مجهولْ وفكرةُ فقدانها تلكْ تفزعُني؛ بداخلي هيَ روحي وإنْ فتئت..
أنت تقرأ
SOÑADOR..|حالِمْ
Romanceمُنقادٌ للخيالْ..لا يجِدُ لذّة في الواقِع.. بدأتْ بتاريخ ٢٧/٤/٢٠٢١م خُتمتْ بتاريخ ٢٤/٤/٢٠٢٢م..