فِي أوجِّ تهلُّلك تنهجُ لكَ الحياةُ منهاجاً صعباً لا تؤازرِهُ قوِاك..
تظنُّ أنّها النهاية فتستسلِم ولكنّها مستهلُّ البِداية..
ترجُمكَ بأبابيلها فتغدو ضعيفاً تنهشُك الوِحدة بأنيابِها الضارية..
لا ينبغي أنْ تعطِها ظهرِك كيلا تغدو جريحاً مثلِي يحارِبُ فقط ليحصُل على ما يسمى بالحُقوق.
لمْ تُنصِفني الحياةُ يوماً ولمْ أجرب شعورَ أن أكونَ تلميذها المُفضّل فهي دوماً ما تُعاقبني وبلا سببٍ يذكر..
ترددتُ كثيراً لدى الأطباء ولكنّهم لمْ يفيدوني بِمقدارِ أنمُلة..
أنتهجُ الأرق منذُ عِقود..لا يجافيني ضوء القَمر ولا تحرّرني الشمسُّ مِن براثِنها..
.
.
يُفترضُ بي اليومَ أنْ أرسُمَ بعضَ النماذِج لأُريها السيّد يشينغ لمعرضِه..وقفتُ طويلاً أمامَ لوحاتي أفتقِدُ إلهامي..
حينَ راودَني المللُ خطيّتُ بعض الخطوطِ العشوائية..
التّي بلا حولٍ مِنّي تحولّت لعيناها..هيَ إلهامي الأوحد وليتُها تعلم..
أحبّ رسمهما ووضعِ تلكَ النظرة الحارِقة التي تحيطُها حِدّة ممتزجة ببرودٍ سحيق...
رسمتُ أخرى عشوائية لأنتهي مِن النماذج.
حالما انتهيتُ مِن رسمِ اللوحاتْ هويتُ على أريكتي لأرتاحْ أعلمُ أنني لن أنامْ ولكن فقط سأستلقِي.
.
ذهبتُ للمعرضِ في ذاتِ الميعادِ الذي حدده..علِمتُ حديثاً أنّها مُساعِدته..
أيقظَ ذلِك البهجَة في أيسري..
عِنْد دخولي وجهني حارِسُ الأمنِ لمكتبِ الرئيس.
طرقتُ البابْ ورأيتُها حينَ دخولِي..جميلة كما اعتادتْ لجعلِي أبتسِم..كلّما ظهرتْ لي أرى بِها تلك الطمأنية كما لو أنها خُلقتْ على مقاسِ روحي..بلْ هي روحي.
.
ترتدي ملابساً رسمية كما رأيتُها أولّ مرة..ابتسمت وحيّتني برقة.
<<اجلِس هُنا السيّد يشينغ مشغولٌ قليلاً أعتذِر>>
.
أومأتُ لها وجلست..
يتّضحُ عليها كمْ هي جدِّية في عملها وذلكَ جعلَ أيسري يُطالبُ بالمزيدِ من المعلوماتِ عنها..ليتها تُسهبُ لي بالحديثْ عنها..
.
طالَ انتِظاري لنصفِ ساعة وكمْ أحببتُ الانتِظار..كانتْ نظراتي تزيغُ إليها غالباً فأستصعِبُ العودة..تكمِشُ حاجباها وهي توقعُّ بعض الأوراقْ..
نبستُ بصوتٍ خافِت غيرُ مدركٍ لذاتي..جميلة..
وعيتُ على ما قلتُ وأرتبكتُ أتمنى أنها لم تسمعني..
.
التفتتْ ونبست بهدوء : <<سأصنعُ لك بعضَ القهوة>>.
بإرتباكٍ أردفتْ : <<لا بأس أنا بخير هكذا>>.
حسناً عادت لنظرتها الباردة..
<<صأصنعُ لي واحدة إذاً>>.
راقبتُها وهي تحضّرها سوداء كما أحضرتُها لها سابِقاً..
جلستْ فالكرسي الذي أمامي وليس بِمكتبها،استغربتُ تصرفها..
<< ألن تريني لوحاتك؟>>
ابتسمتُ لحديثها لأولِّ مرة هي من تبدأه..كانتْ عيناها مليئة بالحماسِ لرؤيةِ رسوماتي التي تملأوها هي..وأعجبني ذلِك.
<<حسناً أنتِ لمْ تطلبي>>
.
أخرجتُ أولّ واحدة التي بِها عيناها وأريتُها.
أمسكتْ بِها بحذرْ وكأنها شيءٌ ثمين..
نظرتْ لي باستغرابْ وعيناها الحادتانِ اتسعتا..هل اكتشفتْ أنهما يخُصانها؟..
لم تنبِس بشيء سوى..: <<أنتَ حقاً بارِع..>>
لا أعلمْ ما أقول أنا حقاً سعيدٌ الآن..أشعرُ وكأنّ موهبتي تُبذل في محلّها الصحيحِ لأولِّ مرة..
أريتُها الأخريات ولمْ تقِل انبهاراً عنْ سابقتها..هل تعلمْ كم أنّ وجهها مقروء؟ هي مميزَة..
.
حينما انتهى السيّدُ يشينغ من عمله دخلنا إليهْ وأريتهُ أعمالي.
أشادَ علي أنّ رسمي جيد..وأن نبدأ العملَ مِن الغد، هناكَ مرسمٌ مُخصص للرسمْ هنا وذلكَ أعجبني فقد مللتُ المنزِل.
.
حسناً أنا متحمس لِذلك ،أشعرُ أنها بِدايةً جديدة لي..
.
خرجتُ مِن مكتبه أتوجه خارجاً وأمامي لينا ترافِقُني..
حين وصولي للبوابة التفتُّ إليها وقدمتُّ لها اللوحة التي رسمتُ بِها عيناها..
ونبست : <<إنها لكِ>>.
نظرتْ لي بجمود يبدو عليها الصدمة وكأنّ شكوكها أصابت..
<<لي؟؟>>
<<نعمْ..احتفِظي بها جيداً>>.
ابتسمتُ لها وذهبتُ مسرعاً..
.
في كلّ لوحةٍ تأخُذها منّي يتبعها أشلاءٌ مِن قلبي التي امتلكت جُلّه..
هيَ كما السحرُ ظهرتْ من العدمْ وإليهِ تُعيدُني..لا أعتقدُ أنّني سأرى مِثلها ولا أن يُلفِت انتباهي غيرُها..سأظلُّ فقط أفكِر لمَ همْ ليسوا ساحرين مِثلها!..
.
ولدتِ من جوفِ الفِتنة..لا يضاهيكِ بشر.
أنت تقرأ
SOÑADOR..|حالِمْ
Storie d'amoreمُنقادٌ للخيالْ..لا يجِدُ لذّة في الواقِع.. بدأتْ بتاريخ ٢٧/٤/٢٠٢١م خُتمتْ بتاريخ ٢٤/٤/٢٠٢٢م..