أنْ تعتادَ روحكَ العُتمَة فلا تصدّق ما يُسمى بالسعادَة..لا أتذكرُ متَى آخرَ مرةٍ شعرتُ بِها..فقط هيَ من تُذكّرني أنّ بداخِلي ما ينبُض..
سِواها تغدو المتعة مزيّفة لا أعترِفُ بِها..
سِواء بِأحلامي أو بِواقعي هي منْ احتلّتْ أرضِي..وبكاملِ حواسِي رفعتُ رايتِي لها..
.
تحدّثتْ معِي قليلاً..سماءُ الغُرفة لا تسِعُ شعوري الآن..
استنتجتُ أنّها تقدّسُ هدوئها..أستلّيتُ مِنها ما يُشبِعُ فضولِي حتى الآنِ فقط..
تذكّرتُ كمْ يبدو شكليَ رثّاً..استئذنتُ مِنها لأذهبَ قليلاً..
ذهبتُ لِمنزِلي وبدّلتُ ثيابي..نظرتُ لوجهِي فالمرآة وبدى عليّ الإرْهاقُ جلِياً..
انتهيتُ وخرجتُ لأعودَ إليها آمل أنّها لم تنزعِج مِن وجودي..
.
قبلَ دخولِي اشتريتُ لها قهوَة..لا أعلمُ كيفَ تحبُّها ،استنتجتُ أنّها تحبُّها سوداء فهِي تُناسِبُ هدوءها وتِلكَ الهالة البارِدة حولَها..حسناً هي تزيدُها جاذبية..أمْ أنّ عيناي فقط يعشقانِ كلّ ما يخصّها؟
.
طرقتُ بابها..ودخلتْ وبإبتسامة مِن عيناي سبقتْ فمي فقط لرؤيتِها..
<<أحضرتُ لكِ قهوة>>
.
أدركتُ أنّه ثمّة شخصْ يمكثُ بقربِها تتملكهُ هيبةً تتوارى خلفَ بِذلتهِ القاتِمة..لمَ كلّ هذا القربِ واللّعنة؟
تهاوتْ ابتسامتيِ وانتحرَ خلفُها شِعوري رعباً مِما ستنطقُ به..
.
مزيجُ نظرتِها الباردةْ كجلِيد وصوتِها المخمَلي الذي أُحب..هذه أولّ مرة أرَى ابتسامتها التي بدتْ وكأنها تطوي ما تبقى من جمالِ العالم بثناياها..أهيَ بسببه؟
تمنيتُ أنْ لا تتحدّث...
<<مرحباً أونيو..أعرّفك بخطيبي يشينغ>>
.
يبدو أنني أقوَى مما تصوّر لي..كيفَ لمْ أسْقِط ما بيدِي؟
ما قالتهُ توّاً جعلَ قلبِي يغادرْ وما تبقّى سِوى جوفه..
نهضَ بكلّ رجولة ليُصافحني..لا يعلمْ أنّني أرغبُ بتحطيمِ صفّ أسنانِه الآنْ..زيّفتُ ابتسامة جوفاء وبادلتهْ
.
<<شكراً لك..علِمتُ أنكّ من أحضَرها إلى هُنا لا أعلم ماذا كانَ سيحدثُ لي لو تأذّتْ>>.
لا عقليْ ولا ملامِحي هضَم ما نبَس به..لمَ يشكرُني واللّعنة..أردتُ إخبارَه أنّ أنقاذِي لها لأجلي ليس لأجلِه!
.
وضعتُ لها قهوتَها وجلستْ بهدوء..حسناً أعلمُ أنني دخيلٌ بينهُما الآن ولكنْ ليذهبَ إلى الجحيمْ أنا لن ولمْ أترُكها له..ليسَ بعد أنْ وجدتُها بعد كلّ هذه الأعوام..
<<كيفَ علِمت أنني أُحبّ هذه القهوة؟>>
حسناً أنا أستطيع الابتسام الآنْ فقط لأنك جمِيلةْ تروقينَ لعينيْ..
ابتسمتُ وقلتُ لها : <<إنهُ حدس>>.
سألني بصوتهِ الحادْ لمَ فقط لا يصمتْ أو يذهب لأستطيعَ التنفس..
<<قال لي الطبيبْ أنكَ تعلمُ رقمَ لوحة منْ اصطدمَ بلينا يجبْ أن تذهبَ معي لنقدّمَ بلاغ>>
انعقَد حاجِباي حين نطقهِ لاسمها وكأنّها شيئاً يخصّه..أدركتُ أنّ ملامحي اشتدّت لأرخيها وأردّ عليه..
<<نعم بِالتأكِيد أنا جاهِز>>
.
نبست بصوتِها الملائكي لأُعطيها جلّ تركيزي..آملُ أن لا يقرئوا مشاعري الهائِجة كأمواجِ تسونامي ستُغرقُ المدينة..
<<أنتَ لمْ تسترِح منذُ أنْ جلبتني لهُنا..يبدو أنّك متعب لم لا تذهبْ وتنمْ قليلاً؟>>
هلْ أهذي أم أنّها تعيرني اهتماماً الآن؟..لا يهمّني سواء كانت على ذمّةِ رجلٍ آخرْ لا أعلمُ سوى أنّني سأموتُ عاشقاً لها..
.
قاطعَ أفكاري بصوتهِ الثخينْ..
<<حسناً لنذهبَ معاً لمركزِ الشرطة وأوصِلكْ لمنزِلك>>.
منْ يظنّ نفسه ليعطيني أوامِر؟ سأهدأ فقط لأنّ الأمرَ يعنيها..
ابتسمتُ بزيفْ وأومأتُ لهُ بموافقتي..
نهضَ وقبّلها يهمُّ بالمغادرة..لمْ أشعرَ بي إلا وأنا أكادُ أسحقُ يدَ الكرسيّ بيدي التي برزتْ عروقها..بداخِلِ عقلي أقمتُ حرباً وأرديتهُ قتيلاً..
استجمعتُ شتاتي وقلتُ لها : <<نامِي جيداً>>.
بادلتني ابتسامة حانية انستني جميعَ مآسيّ..
.
.
ركبتُ بقربهِ وقادَ بنا نحوَ مركزِ الشرطة..أشعرُ بالغبطة تجاههُ كثيراً وكأنهُ نهبَ منّي أثمنَ ما أملك..حسناً هو كذلك!
.
في عودتنا تحدثّ معي عن العملْ يبدو أنهُ رجلْ أعمالٍ ناجح يملكُ أكثرَ مِن معرض وأعمالهُ تشهدْ..سيجعلُها سعيدة أثقُ بذلك ولكنّي أوقنُ بعدم وجودِ من سيحبُّها مثلي..
سألني عن عملي كيفَ أخبرهُ أنني عاطلٌ لا يجيد سوى مسكِ الفرشاة..
<<حسناً أنا فقط أرسمُ لوحات>>
نظرَ لي بدهشة..
<<يارجل ياله من عالمٍ صغير كنتُ أبحثُ عن رسامٍ حديثِ العهدْ لمعرضي الذي سيقامُ حديثاً ما رأيك؟>>
هل ذلكَ يعني أنّي سأراها أكثر؟..وددتُ سؤاله عن ذلكَ حقاً..
بالتفكيرِ فالأمر أنا لن أخسرَ شيئاً..
نبستُ بهدوء : <<لا أمانعْ>>
حسناً سأفعلُ ما بوسعي فقط لأجعلها تملأُ حياتي كما أحلامي...
.
.
أنت تقرأ
SOÑADOR..|حالِمْ
Storie d'amoreمُنقادٌ للخيالْ..لا يجِدُ لذّة في الواقِع.. بدأتْ بتاريخ ٢٧/٤/٢٠٢١م خُتمتْ بتاريخ ٢٤/٤/٢٠٢٢م..