رونقِ البداياتْ ذاكَ الذي يجذبكَ بقوةٍ نحو الهلاكْ..لا تُدركُ حينها أنّ كلّ هذا مجردُ مقدماتْ وأنّ ألمَ الصفعة سيُضاهي التوقعات..تلكَ التوقعاتْ التي تبنيها على آمالٍ زائفة ما تلبثُ لتغدو آنفة..
بكلّ نُزقٍ تطالبُ بالدُنى لترشفكَ الحياةُ جرعاتِ النوى..
.
.
هكذا ظننتْ أنّ بدايتنا ستغدو مشرقة ما أن أقتربُ منها وككلّ السيناريوهات التي أعرفها تكونُ البداية رائعة من عبثَ بإعداداتي إذاً؟
أقفُ متصنماً أمامها لا أعلمُ ما يجدرُ بي قوله..جانبٌ بي ينصحُ بأن أكذبْ وأغلق هذهِ البوابة وآخر يخبرني أن أقولْ وليحدث ما يحدث لا أريدُ خداعها أبداً لا أحتملُ ذلك..
<<حسناً لنجلس أولاً وسأشرحُ لكِ>>.
.
همهت وسبقتني وهي ما تزالُ تمسكُ باللوحة وجلست بذاتِ هدوئها الذي اعتدت
لأجلسَ قربها والتوترُ ينهشني أخافُ ردةَ فعلها..
لا أريدُ أن تراني مجنوناً..
<<إذن هل ستصدقينني؟>>.
<<ولمَ لنْ أفعل ذلك؟>>.
نظرتُ عميقاً بعيناها أتأكدُ هل ينبغي أنْ أشاركَ سري هذا لأحد أمْ فقط الصمتُ هو أفضلُ حل..ومهما فكرت لمْ أتخيلْ أبداً أن تكونَ هي ذاكَ الأحد..
<<حسناً أنا رسمتها قبل ستّ سنوات..>>
.
<<أتمزحُ معي؟ نحنُ لم نتقابل من قبل>>.
ملامحها تثبتُ عدمَ تصديقها الكاملِ لي ولكنْ لا ألومها هيَ قد تراني مجنوناً الآن
<<أجلْ لمْ نتقابل صحيح..رسمتكِ حينها لأنني رأيتكِ بحلمي؛أعني أعلمْ أنّ هذا قد يبدو غيرَ منطقيٍ لك ولكنه ما حدث حينها>>.
نهضتُ من مكاني وسحبتها من يدها أريها مرسمي ربما ستصدقني..
.
ما إن دخلنا بدا الذهولُ جلياً عليها..نظرت ناحيتي لثانية وأكملتْ ترى اللوحات التي تملأ الجدران وجميعهم لها..تزيّن أكمله
.
<<كيفَ يكونُ ذلكَ منطقياً؟ أعني كيف لكَ أن تراني بأحلامك بلا أن نلتقي في الواقع؟>>.
أرى كمية الأسئلة التي تشغلُ ذهنها هي لم تستوعب شيئاً..
.
<<شعرتُ بذاتِ شعوركِ هذا حينَ رأيتكِ أولَ مرة ،ولم أجد تفسيراً منطقياً لا لأحلامي ولا لرؤيتي لكِ حينها؛ ظننتُ أنني جننتْ>>.
.
صمتت لبعضِ الوقت وهي تنظرُ إلى اللوحات مجدداً
<<بالنظرِ لها هي تمتلكُ ذات ملامحي ربما تختلفُ بالشعر هل ينبغي أن أجربَ هذه التصفيفة؟>>
.
رفعتُ رأسي مصدوماً من حديثها الذي فاجئني؛ هي فعلياً غيرُ متوقعة لجعلي أضحك في هذا الموقف..
<<أظنُ أنّ الحالي أجملْ، ولكن هل صدقتني؟>>.
.
خرجتْ من الغرفة بلا أن تُجيب لأتبعها ، أمسكت كاسة العصير لتشرب ونظرت إلي بنظرة لم أعهدها من قبل..كانت حانية أكثر أعجبتني..
<<هناكَ صوتٌ بداخلي يخبرني أنكَ صادقٌ الآن لا أعلمُ لمَ لذا أصدقك..ولكن أريدكَ أن تشرحَ لي المزيد..>>.
.
لمْ آبه بالعمل الذي سيتراكم علي ولا للعرضِ الذي اقترب كلّ ما يشغلُ ذهنيَ الآن هي وفقط هيَ..
نظرتُ إليها أقصُّ لها أحدَ جوانبي المظلمة..تلكَ التي أضائتها هيَ..
.
<<حسناً قبلُ ستِ سنواتْ شُخصتُ بالإكتئابِ الحادْ وحينها حبستُ نفسي لشهور في غرفتي وقد تملكتني كلّ الأفكارِ السيئة وفي ليلة ما أذكُرها جيداً حتى الآن ؛حينها نظرتُ للنافذة ورأيتُ القمر كانَ ساطعاً..وقتها تمنيتُ لأولّ مرة أن أرتاح من ذلك العذاب..وحينَ نمتْ رأيتكِ كنتِ ترتدين فستاناً كالذي فاللوحة هنا..أخبرتيني وقتها أنكِ سترافقيني دائماً وحينَ استيقظتْ شعرتُ بشيءٍ من الحماسة كنتُ قد فقدته ، أيقظَ بداخلي شعوراً نسيته..نهضتُ ذلك اليومْ وخرجتُ من المنزلِ لأول مرة منذُ وقتٍ طويل فقط لأشتري لوحة ولا أعلم لمَ أردتُ ذلك أنا حتى لم أكن أرسم..ومنذُ ذلك الحين رافقتني في أحلامي كما وعدتِ>>.
.
لا أصدّق أنني قلتُ هذا ولا حتى أنها استمعت إلي بكاملِ تركيزها..
لمْ أنتبه لبللِ خداي وأنا أتحدثْ سوى باقترابها ومسحها لهم بأناملها الناعمة..
<<سأكونُ برفقتك..>>.
جملتها تلك سبّبت قشعريرة سرتْ بكاملِ جسدي..هل حقاً تعنيها؟ أم أنني بحلمٍ جديد؟أدعو أن لا يكون..
.
تبادلنا النظرات لوقتٍ طويل تمنيتُ أنْ لا ينتهِ إلى أنْ قطعتهُ هيَ..
<<هيا انهض ورائك الكثيرُ من العمل>>.
.
أخرجتني من دوامةِ أفكاري..هيَ تريحني لم أعلمْ من قبل أنّ التنفيس عن شيء ما قد يساعدُ بهذا الكم..
<<شكراً لكِ>>..
<<لمَ!>>
<<لتصديقي..>>.
.
.
أكملتُ باقي عملي في مرسمي وبسببِ تأخري اضطررتُ للسهرِ هناك حتى الثالثة فجراً ولكنْ ذلكْ لمْ يشعرني بالتعب فلا زال عقلي يعيدُ جملتها تلك "سأكونُ برفقتك" هيَ لا تعلمُ حتماً تأثيرَها علي ، لا تعلم ماذا يحدثُ بداخلي حينَ تحادثني أو حتى حينما تنظرُ إلي بعيناها اللذانِ يؤسرانني..تلكَ القشعريرة التي تسري بداخلي حين تقترب أو حينَ سماعي لصوتها..هيَ تتملّكُ كاملَ ذهني وأيسري~
.
.
عدتُ والإنهاكُ يسيطرُ علي..يبدو أنّ الجلوسُ كثيرا
قد حنى ظهري أشعرُ بالألم..
اتجهتُ ناحية الكومودينو أخرجُ مشروبي وكاستي وبعدها سأنام.
.
أرتشفُ منه بخمول على أريكتي وعقلي يعيدُ ذكرياتِ ما حدث في كلّ مرة ألا يمَل؟
عكّر حاجباي سماعي لطرقِ الباب..من سيأتي في هذا الوقت؟ أنا حتى لا أمتلكُ أصدقاء
.
نهضتُ بكسل لأفتحَ الباب..
جلياً أنني لمْ أتخيلْ أحداً ولكن رؤيتها تقفُ أمامي وبهذا الوقت حقاً لا يبدو منطقياً!
نظرتُ للكأس بيدي وفركتُ عيناي؟ هل هيَ حقيقية؟
<<هلْ أستطيعُ الدخول؟>>.
أنزلتُ رأسي لمستواها أتحرى هل هذا حلمٌ أم لا
ضيقتُ عيناي بحيرة <<أنهُ صوتها..>>
تجاوزتني ودخلتْ لألتفتَ إليها وأتبعها
<<يبدو أنّك ثمل>>.
جلستُ بقربها أنظرُ إليها عن كُثب
<<ولكن هلْ كنتِ تبكين؟>>.
منْ تجرأ وأحزنَها سأودُ لكمهُ الآنَ وحالاً..لؤلُؤتيها لا يليقُ بهما الحزن..حتى في أحلامي أنا لمْ أرها حزينة..
.
استدارت بسرعة تخفي وجهها ؛لا أعلمُ لمَ شعرتُ بالحزنِ حينها..هل هيَ تتألم؟
لا أعلمُ أهوَ بسببِ ثمالتي أم مشاعري التي لمْ استطع تخبئتها..
أمسكتُ بذقنها أديرُ وجهها ناحيتي لأنظرَ إليها
وبلا حولٍ منّي وجدتني أقبّلها!
.
.
.
في عيناها نظرةٌ أبيّة تجلّت وفي أيسري هاهنا حلّت..
أنت تقرأ
SOÑADOR..|حالِمْ
Romanceمُنقادٌ للخيالْ..لا يجِدُ لذّة في الواقِع.. بدأتْ بتاريخ ٢٧/٤/٢٠٢١م خُتمتْ بتاريخ ٢٤/٤/٢٠٢٢م..