٣-مُرافِق

51 5 62
                                    

الشمسُ آزنت بالرحِيل، فوضحتهُ عبر نثرِها لتموُجاتِها الوردية الزاهِية،و حين عانقتْ تلافِيف الصباحِ مُخبئتاً إياه..

" جايول بربِك! "
هتفَ مُغتاظاً، فتِلك الصغيرة ما تبرحُ حتى تفتِك أُذنيه بصوتِ أغانيها الصاخِبة علي حين غُرة و ما إن يقفِزَ مهلُوعاً حتى تفترِش الاريكة ضاحِكةً بصخب.

" أُ انظر إلى تعابيرك يا الهي"
صرخت قبل ان تُعاود نوبةَ ضحِكها الهستيري.

" صِدقاً جايول اكرهُكِ "
بكُل غيظ فح جُملته ، فنهضت الصغيرة بدرامِية شاهِقتاً بينما تضعُ كلتا يديها على يُسري صدرها.
" تكرهُني انا؟ ، هل من ابٍ يقولُ لابنتِه تُرهاتٍ كهذِه؟ "

أظهرت القليل مِن كيد النِساء-الدموع-، لكن تشانيول حقاً لم يبدي إكتراثاً فما من شخصٍ يعلمُ تصرُفات إبنتِه الزائفة اكثر عنه.

" ميار، إجلس مع جايول ريثما أحضر بقية الدمي من المتجر فقد نسيتها "
خاطب المُنشغلة بهاتفها و بادٍ كم انها لا تُلق لعنةً لأي مما يقوله او يحدُث.

لذا نهض بحذر بينما يسحبُ هاتفها بخفة مُخلفاً عن تصرُفه صرخاتُها الثاقبة للآذان و المُصمِية.

" راقبِي الصغيرة، لا اود ان اُكرر حديثي اكثر عن ذلِك "

" خالتِي رجاءً "
قاطعت جايول حفنة صرخاتِ الأُخرى بإنزِعاج، فردعها ردُها الحاد.
" إخرسِ انتِ"

" إسمع انت إبنتُكَ لم تعُد صغيرتاً حتي، انظُر إليها و اعد إلي هاتفي يا أحمق."

تشانيول إكتفى بهز كتفيه بغير إكتراث، هندم معطفه مُخبئاً هاتفها داخله بينما يغادر بتملمُل.

...

وصلَ بخُطواته المُتباطئة بينما يجردُ منكبيه عن مِعطفه الصوفي  بفتُور، تمتمَ بوابلٍ من الشتائم التي دسها اسفلَ نبرته الخافِتة و تمعن أرجاء متجرِ عمله بعينين مُندهشتين فللمرة الأُولى المكانُ لم يكُن مليئاً بالفوضى.

رُباه تُري ما الذي اصابهم حتي يرتبُوه دون الإتكاء عليه مثل كُل مرة صارِمة؟

" مرحباً؟"
القى التحية بينما يحدجُ المُتمركزة امام طاولة الدُمي و التي بدت مألُوفتاً لحد ما..

" اوه مرحباً "
غمغمت  بينما ترمقهُ بصدمة ثم لوحت بإحدي دماه التي كان يفضلُها عن البقية.
"وددتُ ان أُعيد هذه، فقد مضت فترة منذُ ان إستعرناها لكنني نسيت، اعتذِر."

إبتسم بعفوية بينما يجيبُ بنشاط فقد كانت الزبونة الأولي علي الإطلاق التي تُعيد الدُمية نظيفة و غير مُمزقة و بالِية.
" لا بأس، لا داعي للإعتذار كما انهُ بإمكانِكِ إعادتُها في وقتٍ لاحق لسنا فِي عجلة سيدتي "

بالواقع لازال مُتعجباً كونها الوحيدة التي افلحت للوصول حدَّ كتفيه، فقد إعتادَ حياتهُ كعملاقٍ وسط الأقزام حتي بات مُقتنعاً أن العالم لا يحوي طويلي القامةِ سِواه.

نفت بينما تمررُ الدُمية بإصرار جلِي، قبل ان تُصحح جملتهُ بإهتمامٍ بادٍ.
" لا يُمكنني، كما أنني آنسة و لستُ سيدة "

حينها لاح في عقله ذِكرى ظنه لها بأنها والدةُ الصغير بجانبها،  فضحك بجهُور رُبما هي مُغتاظة فالنساءُ عادتاً لا يُحببن ان يظهرنَ كبيراتٍ في السِن.
" اعتذرُ بشأن نعتِي لكِ بوالدة ذاك الصغير، فقط كان يشبُهكِ جداً."

قاطعَ اساريرها المُتعجبة بحديثه فإبتسمتْ حيوية.
" لا بأسَ معِي"

همهم بتفهم و تناول دُميته مُعلناً هزيمتهُ أمام عِنادِها، و راقب رحيلها بهدوء قبل ان يزفُر مستديراً نحو رفيقه النائم بإهمال، عدّل من وضعيةِ نومه غير المُريحة و رتبَ بعض الدُمي التي غفل هذا الأبلهُ عنها.

قبل ان يرمي بخطاهُ صوب الخارج، مُهرعاً خلفها بقدميه اللتان اكثر ما امتن لهُما لصدِ طريقها.
" انتظرِ، ليس من النُبلِ تركُ آنسة تسيرُ وحدها في هكذا وقت و مكان."

عقدتْ حاجِبيها بحيرة قبل ان تتُمتم غِرارَ ما توقع.
" أنا مُعتادة، ليس لدي مُشكلة مع الأمر "

" لكنني اعتذِر، لا يُمكنني الأخذُ بكلامك"
دفع كتفيها للأمام بروية بينما يهيءُ الجو لثرثتِه كإمرأة مُطلقة، فهو على كُل حال يكادُ ينفجرُ من هائل الكلمات التي يكنُها بلا مُستمِع كون إبنته تدّعِي سماع ما يقول بينما خِلستاً هي تسمعُ لاغانيها بسماعةِ رجال الأمن التي إبتاعها من اجلها كي تقوم بالإستماع لأغانيها حالما تملُ من اي درس دُون أن تُلاحظ و تُوبخ.

اما عن اُخته فهي لا تكبدُ ذاتها عناء رفع رأسها لمُجاملتِه حتى، و هو فقط باتَ يشعرُ بالتُخمةِ لكُثر ما يعبئُ ثغرهُ من حديث.

" أتعلمين يشاعُ ان مطر نيسان جالبٌ للحظ "

" و يبدُو انكِ تُفضلين الشعر القصِير؟"

أجيرُ الدُمىWhere stories live. Discover now