أجيرُ الدُمى

١-مُستقيل

١-(مُستقِيل)

قُرص الشمس الواهج قد بلغ نصابهُ في السماء، حديث الزبائن الذي ينتشرُ في الأرجاء كدبِ خطى النمل.

هُناك حيثُ يقبعُ ذاك المقهى مُتوسط الحال، أينما يقف طويل الساقين شارد الذِهن.

" يا فتى بارك تشانيول، شاردٌ مرة أُخرى؟ ستطردُ قريباً لا محالة! "

أنبهُ أحدُ زُملائه في العمل بضجر واضح، فهذا الفتى الطويل بات غريباً حقاً مُؤخراً.

" أتظُن ذلِك؟ سأُطرد و أخيراً؟ "
أجاب بنبرةٍ مُتأملة صعُبَ عليه كَبحُها ، بينما عيناهُ توهجتا كقُرص الشمس بالخارج.

هُو كان يفكرُ بطريقة ما للإستقالَة على كُل حال.

للحق هُو بات يمقتُ هذا العمل كثيراً، فتأجيرُ الدُمى للأطفال الصغار الذين يعوثُون خراباً عليها بأكملها ثُم يعيدونها ليُبتلى هو بتخييطها.. يا رفاق هذا غابةٌ في السوء!

التخييط، اللفظُ لوحده بات ثقيلاً على لسانه.

ربت الآخر على كتفِ تشانيول مُردفاً كعجوز هرم عكس حقيقة عُمره.

" الحياةُ صعبة حقاً، عليك تحمُلها أعني مجاراتها أو التصدي لها، و في الحالة الأخيرة أنتَ الخاسِر صدقنِي! "

جعدّ تشانيول حاجبيه بتقزز من نبرة المدعُو بـ"كلاين" قبل أن يُردف بحزم.

" إذاً لن أصدها، سأستقيلُ فحسب! "

كلاين هز رأسهُ معرضاً بعنف قبل أن يبرر نفيهُ بإندفاع.
" كلا كلا تشانيول، بماذا سيلعبُ الأطفال غير أُذنيك؟ "

شهق تشانيول بدراميه بينما يُبعد كلاين عنه بعيداً، بعيداً جداً بالواقع بما أنه يملك ذراعين طويلتين.

" أتعني أنك لست حزيناً لإستقالتي؟،
بل لعدم وجود ما يُسلي أطفالك و أطفال زُملائنا اللُعناء غير أُذنيّ؟ "

أطفالُ كلاين و الآخرين أو من يُسميهم تشانيول بـ'اللُعناء الصغار، الآفة، مُهددوا البشرية، أو صغارُ الشياطين' هُم أسوأ أطفال على الإطلاق.

مُشاغبون، سيئُون، صاخِبُون، و الأكثر سوئاً يجيدُون العضَ و صفع المُؤخرات.

آثارُ عضهم لخديّ تشانيول واضح حقاً، و هو بات يهابُ الجلوس مؤخراً بسبب ألم مؤخرته من صفعاتِهم.

لديهم أسنان كما لو أنها مناشير مُسننة مُدببة و حادة. أما عن كفُوفهم الصغيرة فهي أشبه بلسعات النحل و لدغات العقارِب.

" بربك تشانيول"

هتف كلاين بضجر بينما يسيرُ ليُكمل عمله بإعتيادية.

تشانيول خلع مأزرَ عمله بغضب و ألقى به على الدُرج رفقة الأزهار القاتِمة الموجودة هُناك.

حتى الباب قد أغلقهُ بقوة خلفه ، هزَّ كلاين رأسهُ بملل قبل أن يهمس.

" غداً أرجُو أن لا يأتِ بهذا القميص مرة أخرى فقد سأمتُ رؤيته حقاً، لا أعلمُ لما يحبُ لعب دور المُشرد "