٤. نِهايَتي

12 0 0
                                    



أمسكت رأسي بيديّ مصعوقاً لكل ما جرى.. زاغت نظراتي وأنا أرمق صفية الحانقة قربي وهي تقول "كيف جرى ما جرى؟.. ألم نتفق على أن تتدبر الأمر بصورةٍ تامة؟.. أي تدبيرٍ قمت به؟"

ثم ازدادت عصبيتها وهي تقول "لا تقل إنك قمت باختطاف جنان عامداً لتتظاهر بإنقاذها وتوقعها في حبالك؟"

صحت غاضباً "أتظنين أنني قد ألجأ لأسلوبٍ خسيس كالذي تحاولين القيام به؟.. لا.. لا يمكنني تعريض جنان لهذا الأمر فقط لكي أبدو بطلاً أمامها.. أخلاقي لا تسمح لي بذلك.."

قالت محتدة "وصرة المال التي منحتك إياها لتنفذ الأمر؟"

قلت بعصبية "مالك لا يزال ملقىً على أرض ذلك الزقاق.. أوَظننتِ أنك ستجبرينني على تنفيذ ما تطلبينه ببعض المال؟"

صاحت "إذن ما الذي جرى؟"

قلت زائغ النظرات "لا أدري.. وما أدراني وأنا لا يد لي في الأمر؟!.."

رددت صفية مبهوتة "من كان أولئك إذن؟.. وما الذي يريدونه بخطف جنان؟"

لاحظت اقتراب شهاب منا، فأشرت إشارةً خفية لصفية لتكف عن الحديث في هذا الأمر لئلا تتجه شكوكه إلينا.. جاءنا شهاب مكفهر الوجه وقال عابساً بشدة "حتى متى سننتظر هنا؟.. عليّ أن أسعى خلف جنان وأنقذها قبل أن يصيبها مكروه.."

قلت مقطباً "سنفعل ذلك بالطبع.. لكن ألا يجدر بنا انتظار بعض المدد؟.. نحن قلة، وإثنان منا يجب أن يعودا للمدينة بالفتيات قبل أن يصيبهم مكروه.."

قال شهاب بغضب "لكني لن أنتظر.. ولا يهمني عدد أولئك الأوغاد ولا عتادهم.. سأنقذ جنان من براثنهم قبل أن يحاول أحدهم إيذاءها بأي صورة.."

وازدادت ملامحه غضباً متوهجاً وهو يعضّ على نواجذه مضيفاً "وأقسم.. أقسم إن لمس أحدهم شعرةً منها.. لا يـلومَنّ إلا نفسه.."

يا لها من جملةٍ مبتذلة.. لكني لمحت عينا صفية تتلألآن وهي تنظر جهة شهاب.. لابد أنه تَمثَّل أمامها في تلك اللحظة كفارسٍ من الفرسان وبطل هذا الزمان.. لكن جملته تلك التي تسارعت لها دقات قلبكِ لم تكن موجهةً لكِ يا حمقاء.. كانت لغريمتك في حبه.. فكيف لكِ أن تذهلك كلماته وهو لا يكاد يراكِ؟..

قلت بإصرار "سأذهب لاقتفاء أثرهم، وابقَ أنت بانتظار المدد لتقودهم إلينا.. يجب أن نعرف عددهم قبل أن نبادر بالهجوم.. لا نريد أن نؤذي جنان بهجومٍ غير متعقل.."

وبالطبع كنت أريد تأخير شهاب ليتسنى لي إنقاذ جنان وحدي.. إنقاذها من خطرٍ حقيقي، لا كتلك الخطة الحمقاء التي خططت لها صفية.. وبعد أن يتمّ لي ما أردت، سأعرف من أولئك الأوغاد ما هدفهم من اختطاف جنان، ومن الذي أرسلهم لفعل ذلك.. فلا يقنعني أن تقتحم جماعةٌ من اللصوص سوق المدينة المزدحم ويتركوا خيراته ليختطفوا فتاةً واحدةً ويفروا بها.. لابد أن شخصاً ما أرسلهم لغرضٍ في نفسه.. وأنا سأعرف من هو ذلك الشخص، وسأواجهه مواجهةً صارمة قاسية بعدها..

حكاية - الجزء الأولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن