١٠. ماذا أُريد؟

10 0 0
                                    



ما الذي دعاني للبقاء والاستماع لهذه المهزلة؟.. ما الذي جعلني أقف بصمت أراقب ما يجري وأنا لا شأن لي بالأمر؟.. لا أدري.. وقد جنيت على نفسي بما فعلته.. فقبل هذه اللحظة، كنت أستطيع رمي الحكاية كلها خلف ظهري والعودة لدرياقة تاركاً أمر شهاب وجنونه للقدر.. لو عاد، رابحاً أم خاسراً، فلا فائدة أجنيها من هذا الأمر.. ولو لم يعُد، فلن ألوم نفسي بعد كل ما بذلته لإثنائه عما يفعله وإقناعه بالعودة لدرياقة والتخلي عن هذا الحب البائس..

لكن بعد هذه اللحظة، وما سيجري فيها، وجدت نفسي غارقاً في حكايةٍ لن أجني منها إلا البؤس.. ولن أملك التنصّل منها مهما رغبت بذلك..

عندما سمعت قرار عثمان تزويج صفية بديلاً عن جنان، دهشت من قراره ذاك الذي اتخذه بلا اعتبارٍ للفتاة أو لعائلتها.. حاولت لجم لساني عن التدخل، عن التعليق على الأمر.. حاولت ألا أزجّ نفسي في مصيبةٍ أخرى، ومصيبتي في صاحبي تملأ فكري ويضيق لها صدري.. لكني وجدت نفسي أندفع قائلاً بصوتٍ لم أتوقع أن يعلو بتلك الصورة "كيف تبيح لنفسك التصرف بمصير الفتاة دون الرجوع لأبيها ودون الحصول على موافقتها؟"

استدار عثمان إليّ مصدوماً ومستهجناً في الآن ذاته.. وقال بنبرة تهديد "وما شأنك أنت؟.. ألم ترحل مع صاحبك حتى الآن؟"

ها قد انغمست في هذا الأمر بالفعل، لذا لم أجد بداً من الاستمرار فيه للأخير.. فتقدمت من عثمان مقطباً وقلت باعتراض "الفتاة رافضةٌ لما تنتوي القيام به.. فكيف تقوم بتزويجها لمن لا ترغب به دون استشارة ولي أمرها؟.."

لمحت صفية تشد قبضتي يديها قرب صدرها بتوجس وشيء من الرجاء.. بينما وقف عثمان أمامي قائلاً بنبرة بغض "ارحل خيراً لك.. ولو علمتُ أن لك يداً في ما جرى لابنتي، أنت وصاحبك الخسيس ذاك، فسأقتصّ منكما مهما بذلت لتحقيق ذلك.."

ثم استدار لصفية قائلاً بصرامةٍ قاسية "عودي لخيمتك، ولا داعي لإثارة المزيد من الفضائح.."

قالت صفية وقد تشجعت للاعتراض على ما تساق إليه "أنا أرفض أن تقوم بتزويجي فقط لحفظ ماء وجهك.. لقد وافق أبي على رحيلي مع جنان على أمل تزويجي بشخصٍ أرتضيه، لا قسراً ورغم إرادتي.. أعدني لسينار فما عادت بي حاجةٌ لإكمال هذه الرحلة معك.."

صاح عثمان "محال.. ستنفذين ما أقرره دون الاعتراض بكلمة.. أفهمتِ؟.."

قالت باحتجاج "لا تستطيع إجباري.. عمّـاه.. لا تحمّلني ذنباً لم أرتكبه.."

لكن الشرر المتطاير من عيني عثمان لم يوحِ باقتناعه بهذا الأمر.. فالتفتت صفية إليّ، وأنا أراقب ما يجري، قائلةً برجاء "حاتم.. قل شيئاً.."

حكاية - الجزء الأولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن