الفصل الثالث

433 15 0
                                    

الفصل الثالث
صراخ وبكاء هذا هو الصوت الذى طغا على المكان فلتين لم تتوقف عن البكاء أو الصراخ برغم من إعطاء الطبيب حقنه مهدئه إلا أنها كانت تبكى وترتجف فى نومها ، فهى خسرت اغلى ما تمتلك فى الحياة .
نائمة فى عالم اخر ، عالم تجتمع فيه مع عائلتها وهى تسترجع أجمل الذكريات والمواقف التي مرت بها معهم ، لما كان عليهم الرحيل هكذا
رحلوا وتركوا قلباً ينزف جراحاً لا يبرأ وحزناً لا يهدأ ووجعاً مقيم ، كانت الذكريات تأكل عقلها وهى تتذكر كل شيء مازال صوتهم يراود مسامعها تمنت أن لا تستيقظ لتبقى بجوارهم فى هذا الحلم الجميل.
               •••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
بالخارج نزلت دمعه من عينيه وهو يتابع انهيارها كم يود أن يأخذها بين احضانه بقوة حتى يهدئى بكائها ويخبرها بأنه بجانبها ، للمرة الثانية يتركها من احبتهم إلا يكفي رحيل والديها كيف لها أن تتحمل كل هذا بمفردها ، كانت الدموع تزاد على وجه محمد كلما تذكر حزنها
كان مغيباً عن الواقع فقط ينظر إليها ويبكى، انتشاله من شروده صوت فاطمة وهى تنظر إليه بتعجب وهو يبكى لتردف بتساؤل قائلة:
- هو حضرتك تعرف لتين أنا أول مره اشوفك
- ‏جفف محمد دموعه التى كانت تنهمر والتفت ينظر إليها وقال:
- ‏- استاذة لتين بتكون مدرسة اختِ وليها معزة خاصة عندى ، صعبان عليا كل الى هى فيه ازاي هتقدر تستحمل كل دا لوحدها.
- ‏فاطمة بحزن شديد على رفيقتها:
- ‏- صعب اوى اللى هى فيه خلاص ملهاش حد اخواتها كانوا هما كل حاجه ليها بعد موت أبوها وأمها ربنا يصبرها .
- ‏اردف محمد بجدية وهو يقول :
- ‏- لو سمحتى يا
- ‏إجابته فاطمة:
- ‏-  أسمى فاطمة انا صحبتها واحنا عيال صغيرين
- ‏أكمل محمد وهو ينظر ناحية لتين الغارقة فى أحلامها :
- ‏- خالى بالك منها ولو احتاجتي أى مساعده ارجوكى كلمينى على طول.
- ‏التقت ورقه ودون عليها رقم هاتفه واعطاها لفاطمة التى كانت ترمقه بحيرة ، ليتركهم ويغادر قبل أن ينهار أكثر من ذلك أمامها.
     ••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
أثناء مغادرته رأى صديقه ماهر الذى يعمل ظابط فى إحدى الاقسام القريه من هنا والمسؤل عن التحقيق فى الحادث، اسرع وهو يذهب إليه للتحدث معه بشأن ما حدث،  اقترب محمد واردف قائلاً:
- السلام عليكم
اردف محمد بابتسامة وهو يقول بمرح:
- وعليكم السلام ازيك يا حماده اى يعم محدش بيشوفك
أجابه الآخر وعلى وجه علامات الحزن:
- الحمدلله بخير،  معلش أنت عارف الشغل.
رفع ماهر حاجبيه متسائلاً عندما رأى نظرة الحزن على وجه محمد ليقول:
- مالك يا ابنى فيك اى،  وبعدين بتعمل ايه فى المستشفى.
- ‏ كنت هنا مع البنت الى جت فى الحريق،  متعرفش اى السبب.
‏تنهد ماهر وهو يضيف:
- ‏الحريق بسبب تسريب فى الغاز ومع الاسف الكل مات
كسا الحزن ملامح محمد وهو يتذكر لتين
هتف ماهر بتساؤل:
- بس انت تعرفها يعني
اجابه محمد وهو على وشك المغادرة:
- ايوا اعرفها،  ثم استطرد قائلاً:
- ‏ معلش يا ماهر لازم أمشى عندى شغل دلوقتي
أماء له ماهر وهو يقول:
- ماشي يا محمد بس خلينا نشوفك يعم.
غادر محمد من المشفى بأكملها وهو يفكر بلتين وماذا ستفعل عندما تستيقظ من تلك الغيبوبه المؤقتة.
          ••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
موت الأخ هو فاجعة لكل أفراد العائلة، فهو السند والعون والحياة بالنسبة لنا، فلا شيء أصعب في الدنيا من الموت والفراق الأبدي، فيبقى الألم والحزن يخيم على القلب، وتبقى والذكريات التي لا تموت وجعاً وغصة داخل الإنسان .. اما بطلتنا فقد مات اخويها .. بل عائلتها باكملها .
كانت ترقد فوق الفرش بكل هدوء وتنهمر الدموع فوق وجنتيها بشدة وقد ذبولت ملامحها و شخصت عيناها البندقية .. ظلت مسبتة نظرها فوق المحلول المغذي المغروس في أوردتها.. كان رفيقتها فاطمة تحاول أن تجعلها تتحدث فلا حياة لمن تنادي.. فقد كانت في عالم اخر .
ثم ذهب إلى ربه وأيقنت بأن النعم لا تدوم رحمكم الله اخوتي، بموتهم تركوا في قلوبنا وجعاً، وقصة ألم لا تحكى.
اقتربت فاطمة وجلست بجوارها ورتبت على كتفيها بتعاطف وقالت:
- لتين حببتي وحدى الله دا قدرهم.
اندفعت لتين لتحتضنها والعبرات تنساب من عينيها قائلة:
- خلاص يافاطمة مبقاش ليا حد فى الدنيا كلهم سبونى لوحدى، هو أنا وحشه أوى كدا عشان الكل يسبنى ليه بيحصلى كدا ليه
نظرت فاطمة وقالت باشفاق:
- متقوليش كدا وحدى الله كله حاجه بأيد ربنا ادعيلهم كتير يا حبيبتي.
اماءت براسها والدموع تنهمر من عينيها وغشتها سحابة من الذكريات السعيدة مع عائلتها كم تمنت ان يوقف قلبها عن النبض حتى تذهب اليها وتسطيع رؤيتهم مرة أخرى.
       ••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
دلف إلى المنزل وهو فى حالة يرثى لها، تهاوى على الاريكة
بتعب وهو يغمض عينيه ويضع وجهه بين راحه يده
خرجت هنا من غرفتها عندما سمعت صوت باب المنزل وهو يغلق فعملت بأن شقيقها قد اتى من عمله ذهبت اليه وهى تهتف  بقلق وهى تتفحص هيئته التى كانت مرهقة  قائلة:
- مالك يا محمد انت كويس
رفع رأسه ونظر إليها واجابها قائلاً:
-  أنا كويس ي حبيبتي متخفيش
ضيقت عينهاوهى تشعر بأمر ما فجلست بجواره وقالت:
- لا فى حاجه أنت مش شايف شكلك عامل ازاى ولا عنيك الحمرا دى قولى يا محمد فى اى متقلقنيش عليك.
تنهّد محمد وثم اخبرها بما حدث تحت نظرات هنا الجاحظة والتى غرقت فى البكاء على حال لتين وما حدث لها بتقول بدموع:
- مش قادره اتصور الى حصل ليها أكيد حالتها صعبةجدا
دى مكنش ليها غيرهم
ثم اردفت برجاء قائلة:
- ارجوك يا محمد عايزا اشوف مس لتين لازم اكون جمبها
- حاضر يا حبيبتي بكرا هاخدك ونروح نشوفها فى المستشفى.
احتضنت هنا محمد، اما هو فتذكر لتين كيف هى حالتها الآن.
         ••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
انقضى اليوم وجاء صباح جديد ولكن محمل بالاحزان والالم، انهى محمد ومعه عبدالله زوج فاطمة إجراءات الدفن وتم نقل الجثامين إلى مقابر العائلة، كانت لتين تسير معهم ولكن جسد بلا روح تنهمر الدموع على وجنتيها دون توقف فقط تتابع ما يحدث حولها بجمود
تمت المراسم ووقف عبدالله و بجواره محمد لاخذ واجب العزاء أما لتين فسقطت على الارض بجوار قبرهم تبكي
لتردف من بين شهقاتها بانكسار:
- ليه سبتونى لوحدى اعيش ازاي من غيركم، يارب خدنى ليهم مش هقدر على فراقهم مش هقدر.
كان الجميع يراقب حديثها لقد كان مشهد مؤاثر يمزق نياط القلوب، اقتربت فاطمة وهى تجلس بجوارها وتقول بحزن:
- يلا يا حبيبتي عشان نروح أنتِ تعبانه ومحتاجه الراحه
- ‏اروح فين واسبهم لوحدهم مبقاش ليا حد يا فاطمة.
ترقرت الدموع على محياه وهى يراقبها من بعيد شعر بالغضب وهو لا يستطيع الاقتراب منها أو اخذها بين احضانه لمحاولة التخفيف عنها
امسكتها فاطمة وساعتها على النهوض واخذتها واستقلت
سيارة زوجها ودع عبدالله محمد وشكره لمساعدته لهم فى تلك المحنه واستقل السيارة وغادر تحت نظرات محمد
             ••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
مضى شهر كامل على لتين وهى منعزله عن العالم فقط تجلس فى الغرفه بمنزل رفيقتها فاطمة التى اصرت على بقاء لتين معها وعدم ذهابها الى احدى الفنادق طرت فاطمة باب الغرفه ودلفت للدخل وهى تحمل الطعام وضعته على الطاولة وذهبت وجلست على الفراش بجوار لتين وهى تنظر اليها لقد اصبحت شاحبة الوجه وظهر عليها الاعياء، كانت تبكى ليلاً ونهاًر حتى تورمت عيناها وامتنعت عن الطعام والشراب حزناً حتى اوشكت على الهلاك لشده ضعفها وضعت فاطمة يديها على كتف لتين  وقالت:
- حبيبتي يلا عشان تاكلى لقمه بوصى وشك عامل ازاي بقيتى ضعيفه جدا
وانهت حديثها وهى تمد يديها بصحن الطعام لـ لتين
نظرت إليها لتين بخواء وقالت بصوت مزقه الحزن:
- ماليش نفس ي فاطمة
اردفت فاطمة بغضب بسبب حاله الضغف والاستلام التى تملكت منها وقالت:
- هتفضلى كدا لحد امتا يا لتين، هما خلاص ي حبيبتي ماتوا عيشى حياتك هتفضلى حزينه العمر كله
تحدثت لتين ببكاء:
- مش قادره يا فاطمة دول كانو كل حياتى ازاى انسى
وبعد ذلك غرقت فى موجة بكاء شديدة واستمرت بنشيج مسموع.
اقتربت منها فاطمة وقالت بصوت واثق وهى تحتضنها:
- هما أكيد مش مبسوطين بالحالة الى انتى فيها دى
فوقى يا حبيبتي وعيشى حياتك.
_ حاضر يا فاطمة.
مر يومان كانت لتين تجلس بغرفتها تقرأ بعض ايات القران الكريم واثناء ذلك سمعت صوت شجار عالي قادم من الخارج تركت المصحف ونهضت لترى ماذا يحدث؟!
سمعت صوت عبدالله وهو يقول بغضب:
- بقالها شهر معانا أكل وشرب ونوم، شوفى يا بنت الحلال انا متجوزك لوحدك مش صحبتك معاكي كمان.
هتفت فاطمه برجاء:
- عشان خاطري يا عبدالله يومين كمان بس لحد ما تلاقي مكان مناسب ليها.
عبدالله بضيق:
- ماشى هما يومين بس اما نشوف اخرتها
هبطت الدموع على وجه لتين وهى تشعر بالاهانه فى تلك اللحظة كانت لتين تشعر بالحنين والاحتياج الشديد لعائلتها وعزمت على الذهاب غدا حتى لا تسبب المشاكل لصديقتها
••••••••••••
خلص الفصل ما تنسوش الدعم بلايك وكومنت برأيكم 😊

أحببت منقذى (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن