3

4.5K 243 10
                                    

ظل ينظر إليها عاقدًا حاجبيه بشدة، إلا أن الذهول كان ظاهرًا بعينيه، عيناهــا تتحداه بكل قوة لم يراهـا من قبل، رغم أنه على ثقة بأنها ترتجف بداخلهـا ولو قليلًا، بملامح مغلقة إنما بعينين يتطاير منهما الشرر ونبرة تهتز لها أعتى الرجال قال:
-مُتأكدة إنك أد الكلام ده؟!..

قال تلك الأخيرة بنبرة ساخرة سوداء وهو يكشر بقوة، ارتعدت أوصال «لينـا» وهي تناظر ذاك الوحش البشري أمامه، والذي يبدو مستعدًا لالتهامها كل الاستعداد، ورغم ذلك هتفت بثقةٍ وقوة لا أحد يعلم مصدرها:
-أنا مش بنطق بأي كلمة إلا لما بكون أدهـا، ولو تحب أثبتلك، مفيش مشكلة.

تصلب فك «مراد» وارتجفت عضلة في خده إلا أنه لم يتحرك إنشًا بينما «لينا» تكمل بكل هدوء:
-ودلوقتـي من الأفضل تدخل تستريح، العملية قربت أوي، ولازم نستعد.

وقبل أن تلتفت وجدتــه ينطق بصوتٍ غاضب مكتوم:
-عاوزة تقوليلي إنك منمتيش مع حد قبل كدا؟!.. ولا هو بمزاجك؟؟..

وقاحتــه تخطت الحدود، إبتسمت بمرارة قاسية قبل أن تُجيب دون أن تلتفت:
-رغم أنها حاجة متخصكش، بس حاجة زي كدا، كله بيمشي على حسب رغبتي أنا.

دون كلمة أخرى، سارت بخطى هادئة تمامًا نحو الباب كي تلج إلى خارج الغُرفة، تاركة خلفهــا شخص على وشك الجنون من كلماتهـا اللعينة، تقوس فمـه بإبتسامة قاسية.. بها شيءٍ من التسلية وهو يضع يديه داخل جيوب بنطالـه متمتمًا بهدوءٍ ماكر كالصياد الذي رأى أخيرًا فريستـه:
-إذا كان كدا بقى، أنتي لازم تتعاملي بأسلوب تاني خالص، كان لازم أعرف إنك مش سهلة أبدًا من أول يوم شوفتك فيـه.

*****
هبطت «جوان» باحثة عن «داود» بعينيهـا، فـ وجدته جالسًا بالشرفة الخاصة بمكتبه وأمامه العديد من الملفات لحسابات المطاعم الخاصة به يقوم لمراجعتهـا، غابت لعدة دقائق ثم عادت وهي تحمل كأسين من الخمـ..ر دنت منه وهي تقول:
-حبيبي أنت لسه قاعد؟!..

أشار بيده وهو يقول:
-براجع بس على الحسابات.

جلست «جوان» على ذراع المقعد العريض الذي يجلس "داود" من فوقه وتمايلت عليه حيث بسطت ذراعهـا نحوه بكأس الخمـ..ر الخاص به فتناوله منها دون أن ينظر نحوهـا، صمتت قليلًا قبل أن تقول فجأة بصوتٍ حانق:
-داود، أنا مش مرتاحة لـهدوء لينا.

أنتصب في جلسته وترك ما بيده وهو يسألها بإهتمام:
-ليه يا جوان؟!.. وبعدين أنا وضحتلك لو فكرت تلعب نهايتهـا هبقى إيـه؟؟.. الشغل إللي إحنا بنعمله ده ملوش غير طريق واحد، وأظن إنتي عارفة ده كويس.

التفكير يُقاتلهــا، فقالت بلهجة جادة:
-ممكن نهايتك دي تبقى على إيد بنتك، هي معندهاش حاجة تخسرهـا خلاص.

سكتت للحظةٍ قبل أن تقول بنبرة ذات مغزى:
-ومتنساش إنهـا عمرهـا ما هتنسى إنك قاتل أمهـا.

أتحداك أنا © -رغمًا عن العشق-حيث تعيش القصص. اكتشف الآن