20

2.4K 124 4
                                    

الفصل العشرون.

في كل مرة تسقط، تستقيظ وهي في أحضان الجحيم، لكن تلك المرة أختلف الأمر، فهي أستيقظت والأمان يجتاحها، طمأنينة غريبة تشعر بهـا، وكأنها وجدت أخيرًا حصنهـا المفقود.

كان ما حدث بعد فقدانها الوعي هو عبارة عن أصواتٍ متشابكةٍ رحلةٍ طويلةٍ في سيارة، هتاف أشخاص، أحدًا يمسك ذراعها ويدس شيئًا حادًا بها، يدٍ تمسك بيدها، همس وصل إلى أذنيها، أحفظها لي وسلمها من كل شرٍ يارب العالمين.

بعدها غابت عن الوعي عدة مراتٍ، لتعود كل مرة بسماع أصواتٍ مختلفة، وهمسٍ يصل إلى أذنيها من جديد يحمل الإختناق والألم في آنٍ واحد:
-أصمدي يا لينا، أصمدي علشاني.

لمعت عيناه برجاءً خفي وهو يهمس بتضرع:
-أحفظها ليا يارب من كل شر.

حاولت أن تطمئنه، إلا أنها تشعر بأنها تحارب أمواج البحر، وكل موجة تلقيهـا على أحد الصخور، فيصيبها جرحٍ عميق، حتى في النهاية وبعد فترةٍ طويلة سقطت على الشاطئ/ وما كان الشاطئ إلا صدره النابض بعشقها.

فتحت عينيها السوداويان بتثاقل، محاولة أن تعتاد على الإضاءة، وما أن أستوعبت وجودها في المشفى حتى ألتفتت برأسها لتراه يجلس على المقعد بجوارها عاقدًا ساعديه أمام صدره الضخم، ورأسه قد سقطت على كتفه نائمًا بتعب، تأملته بقلبٍ مفطور وهي تناديه برفق:
-مراد، مراد إنت صاحي؟!..

يبدو أن نومه كان قلقًا، فتح عينيه بتعب، ولكن سرعان ما فتحهما على أخرهما وهو يثب واقفًا بلهفة، قبض على يدها برفق وهو يمسح على خصلات شعرها متسائلًا بقلبٍ خائف:
-لينا، إنتي كويسة؟!.. حاسة بإيه؟!..

إبتسمت له وهي تجيبـه بهدوءٍ متوتر:
-أنا كويسة، هو إيه إللي حصل؟!..

تنهد بحدة قبل أن يجيب بصوته الأجش القاسي:
-المفروض أنا أسألك السؤال ده؟!.. عاوز أعرف إيه إللي حصل؟!..

هاجمتها ذكرى هجوم الشخص المجهول عليها وإنذارها باللعب مع الكبار، لتهز رأسها نفيًا ببطء وهي تهمس:
-محصلش حاجة.

قبض على ذقنها بقوة لتشهق بألم عنيف، بعد أن أجتاحتها آلالام عنقها، حدقت في عينيه التي ألتمعت بقساوة مخيفة وهو يسألها بلهجة متشددة:
-إنتي بتستعبطي؟!.. في آثر على رقبتك، مين أتهجم عليكي وكان هيقتلك؟!.. مين يا لينـا أنطقـــي.

بلعت ريقها بصعوبة تحت كفه المهددة، ثم ردت عليه بوهنٍ غريب عليا:
-إللي إنت مش عايز تقول أسمهم يا مراد.

أتسعت عيناه بذهولٍ مؤلم، فقد عادوا إلى نقطة الصفر من جديد، وما حاولت دفنــه قد عاد من جديد وسيترصد ما هو يخصهـا، أرخى قبضة يده عنها وهو يلقي بجسده الضخم على المقعد مطلقًا سبة نابية يتبعها قوله الغاضب:
-الموت بقى أقرب ليكي مني، مش هينفع نسكت.

أتحداك أنا © -رغمًا عن العشق-حيث تعيش القصص. اكتشف الآن