21

2.3K 118 4
                                    

الفصل الحادي والعشرون.

كان يعلم بما تشعر به.. وما يحمله قلبهـا من الآلآم العنيفة، قبض على يدها برفق يبتعد بها إلى مكانٍ لا يسمع فيه أحدهم نقاشهم، وقف أمامها يناظرها بعيون شغوفة وهو يستشعر بكل ذرة ألم تنبعث من جسدها، فيهتز هو ألمًا عن عجزه في توفير الحماية الكافية لهـا، سحب نفسًا عميقًا وهو يخبرها بصوته الأجش:
-لينا، مقدمناش حل غير ده.

رفعت عينيها المذهولتين تناظره بغرابة وهي تسأله بخفوت:
-حتى أنت يا مراد؟!.. هي روحي عندكم رخيصة للدرجـ...

لم يسمح لها بمتابعة كلمتها وهو يقاطعها بشراسة:
-أخرسي، أنتي أتهبلتي، لو شاكك أنك هتبقي في خطر، كنت خطفتك وهربت بيكي بعيد عن هنا.

ألتمعت أعيناها بدموع وهي تشيح وجهها بعيدًا عنه، رفع كف يده يضعها على وجنتها بحنوٍ مثير وهو يقول بثقةٍ مؤكدة:
-تأكدي أني لما بقولك أدخلي في المهمة دي، لأن قبل ما أنتي بتخدمي بلدك، أنتي بتنقذي حياتك، ده غير قدراتك الجسدية وذكائك، هما إللي مخلين ثقتي فيكي ملهاش حدود.

تقوس فمه بإبتسامة ساخرة وهو يقول بخفوت شارد:
-إللي تعرف تضحك على ظابط زيي وتوهمه أنها تبع أبوها وهي أصلًا مع البوليس، تفتكري هتبقى عاملة إزاي مع ناس أنتي عارفة عنهم كل حاجة، نُقط ضعفهم قبل قوتهم!..

لماذا يؤلمها إلى تلك الدرجة؟!.. لكن ذكرها بتلك المهمة التي هي سبب في فراقهما قبل حبهما، تعلمت على يديه أبجدية الألم، وهو تعلم على يديها أبجدية الشوق، ولكن يبقى بداخل كل منهما شرخٍ عميق ليس من السهل أن نتجاوزه وإلا سينكسر ويضيع حبهما هباءً.

هتفت بصوتٍ هادئًا تمامًا وكأنها تعبت علو صوتها الدائم:
-رغم كل إللي مرينا بيه سوا، وكل وجع قدمناه لبعض، إلا أنك بردو خبيت عليا أنك ظابط في المخابرات المصرية.

إبتسم بخفة وهو يخبرها بجدية:
-أختي نفسها متعرفش ده يا لينا، أنا ظابط سري، مش أي حد يعرف إلا للضرورة القصوى.

إبتسمت له بشحوب غريب عليها، أين قوتها؟!.. أين عنفوانها الذي يحسدها عليها الجميع، هي في أشد حاجة إلى طاقة جبارة تعيدها إلى جبروتها مع هؤلاء الأوغاد، جذبها "مراد" نحوه برفق وقبل أن تتكلم وجدته يُقبل جبهتها قُبلة عميقة!

أهتزت مشاعرها بعنف في تلك اللحظة، مُجرد قبلة تفعل بها ذلك؟!.. أغمضت عيونها وهي تشعر بضربات قلبها الغبية تتعالى، ذلك الحنان الذي تستشعره منه يكاد يجعلها أن تنهار على صدره وتبكي، ولكن عليها التماسك، من أجل نفسها و.. من أجلــه.

تراجع برأسه يحيط وجهها براحتي يديه وهو يبتسم لها بحنوٍ يخبرها بصوته العميق كعمق البحر:
-إياكِ تخافي للحظة، عيني مش هتفارقك أبدًا، أنا بعارف أحافظ على ممتلكاتي كويس أوي.

أتحداك أنا © -رغمًا عن العشق-حيث تعيش القصص. اكتشف الآن