5

3.8K 215 5
                                    

وقفت «لينـا» خلف أحد الحاويات بالميناء وقد أتخذتهـا ساترًا لها من الطلقات النارية التي يعج بها المكان بعد أن كانت تحيطها الرصاصات من كُل جهات، بدأت تطلق الرصاص بحاجبين منعقودين بشدة، فتسقط الجثث هامدة أمامها في مشهد مأساوي، حاولت التحرك أكثر من مرة متسللة إلى خارج المكان، كلما هدأ صوت الرصاص لتطالها طلقة مفاجئة إما خلفها أو أمامها أو بجانبهـا، لتتراجع عن فكرتها متسمرة في مكانها.

مضى بعض الوقت على وضعها، حتى وجدت أن الأجواء هدأت أخيرًا، سحبت «لينا» نفسًا عميقًا وتحركت عدة خطوات؛ كي تبحث عن «مراد»، ولكن سرعان ما عادت أصوات الرصاص تملئ المكان، أنحنت بجسدها قليلًا محاولة أن تبتعد عن الرصاص، ولكن شعرت بمن يطوق خصرها، يجذبها بقوةٍ نحوه بعيدًا عن مرمى النيران، حاولت التملص منه لكن قبضتـه القوية أبت تركها، حتى أستقر كلاهما خلف تلك الحاوية، إستمعت إلى صوته الغاضب المكتوم:
-أهدي يخربيتك، فرهدتيني، أنا مراد.

ألتفتت له برأسها تطالعه بعيونٍ حادة رغم لمعة الخوف الذي ظهرت بهما رغمًا عنها؛ وكأنها تتأكد من كونه «مراد»، تأمل ملامح وجهها سريعًا قبل أن ينظر إلى الأجواء حولهم، هتف بلهجة قوية لها:
-ركزي معايا يا لينا، لازم نخرج من هنا في أسرع وقت ممكن.

أومأت رأسها بالإيجاب، ليراقب هو المكان بتركيز محاولًا إيجاد ثغرة ما يستطيعان من خلالها الخروج بأقل خسائر ممكنة؛ حتى وجد أحداها أخيرًا، فهو طريق مخفي مليئ بالحاويات المتراصة جنبًا إلى جنب يغطي تحركهما ويمهد لهما الطريق إلى الخارج.

عاود النظر إليهـا ليقول بصوتٍ عميق، به شيءٍ من القلق:
-أسمعيني كويس، الطريق إللي هناك ده هنمشي فيه بسرعةلغاية المخرج إللي في آخره.

رهزت رأسها وهي تقول بإيجاز:
-إطمن.

وقبل أن تتحرك وجدته يجذبها نحوه مجددًا، تطلعت إليه بتعجب لتجده يتابع بلهجة مشددة:
-إنتي هتكوني ورايا يا لينا، وأنا هعاين الطريق، بلاش تهور ولا أختراعات، خلينا نطلع من هنا بأقل خساير.
-ماتقلقش يا مراد، ثق فيا.

أومئ لها بالإيجاب، ثم أشار له أن تتبعه، وبالفعل تحركا معًا، وكلما أنتقلا من خلف أحد الحاويات إلى التالية لها يسمعان طلق ناري يوقفهما ثم يعاودان التحرك مرة أخرى، ومن كان يعترض طريقهمـا إما أن تطلق «لينا» رصاصتها في الخلف أو «مراد» يطلق دون أن ينتظر في الأمام، حتى وصلا لسيارتـه.

تنهدت «لينا» بإرتياح وهي تدس سلاحها قبل أن تقول بجدية:
-كويس إننا خرجنا وآآ..

لم تكمل كلماتها وهي تلتفت له قبل أن تتسع عينيهـا بصدمةٍ قلقة، دنت منه وهي تتمتم:
-مراد إنت أتصابت؟؟..

حاول «مراد» كتم آلالامة، وهو ينظر لهـا محاولًا التماسك قائلًا:
-ماتقلقيش يا لينا، أركبي يالا.

أتحداك أنا © -رغمًا عن العشق-حيث تعيش القصص. اكتشف الآن