فقدٌ مُحزن في ليلة غريبة

28 4 4
                                    

وبالفعل إستطاعَ الجميعُ سماعه وبدأوا بالجري بـ إتجاهِ صوت الصراخ ولكنَ ذلك الميتَ كان أسرعَ مِنهم فقد تعبَ جوردان من مُحاولةِ إبعاده وضعفَ قليلاً لـ يقومَ ذلكَ المَيت بـ عضِ جوردان بينَ رقبتهِ وكتفه ويبدأ بـ تمزيقِ جِلده ونهشه وسط صرخاتِ جوردان المُتألمه، وما إن وصلَ ويليام والبقية حتى نظروا لـ جوردان اللذي يصرخ من شِدةِ الألم وذلك الميت يقوم بـ نهشِ لحمه حتى سقَط جوردان من الإنهاك.
وفي ظلِ هذا لم يستطع ويليام فِعلَ أي شي فقد كانَ مصدوماً للغاية من رؤيةِ أخيه وهو يُعض ويحتضر أمامه بـ هذه الطريقة الشنيعة، وأما أشلي فـ كانت مَذعوره من رؤيت جوردان هكذا ولكنها إستجمعت قواها وأخرجت ذلكَ المُسدس الصغير اللذي أعطاه إياها العجوزَ مارتن وقامت بـ إطلاقِ ثلاث طلقات على رأس ذلك المَيت السائر لـ يسقطَ بعدها دونَ حِراك.
إنطلقَ الجميعُ راكضين نحوَ جوردان ماعدىَ ليلي اللتي لم تستطع التوقف عن الرعش والإرتجاف فـ هذا الموقف تكررَ عليها مرتين ففي الأمسِ رأت زوجها مايك يُنهش من قِبل الميت السائر والآن
ترى جُوردان يُقتل أيضاً هكذا.
بدأ ويليام بـ الصُراخِ وهوَ يَذرف الدموع ويمسك بـ جوردان ويقولُ لهُ لاتمت لاتمت، ولكنَ جوردان كان يحتضر وينظُر لأخيه اللذي جُنَ بـ سبب ماجرى تواً، وحاولَ تهدأت ويليام وهو يقول له بـ صعوبة :
- لابأس يـ أخي فـ ماحدث كانَ لابُدَ من حدوثه سواءً حدث اليومَ أو الأمس أو حتى في العامِ المُقبل لذا لا أريدُكَ أن تحزن أرجوك.
نظرَ ويليام لـ جوردان وهو يبكي ويستمع لـ حديثه ولم يستطع الإيجابة عليه.
وفي ظِل هذا كانت أشلي تبكي وكاثرين أيضاً فقد نجوَ معاً في الأسبوعِ الأولِ من الكارثة.
كانَ جون مصدوماً لـمى جرى لـ جوردان فقد كانوا في الغابة قبل قليل يقومونَ بصيدِ الغزلان والأرانب وغيرها من الحيوانات.
بدأَ مارتن بالنظرِ إلى جوردان الساقطِ أرضاً وهو يقول :
- لقد أحسنت يابُني وقدمت الكثير لنا ولـ هذا المُخيم لن ننساكَ أبداً .
وفي غُضونِ لحظات أغمضَ جوردان عينه وتوقفَ عن التنفس، وكان ويليام ممسكاً بيده وقام بـ شدها والدموعُ تنهمر بـ صمت.
وبعد لحظاتٍ قامَ ويليام وتنهدَ بـ قوةٍ وهو ينظِر للجميع وهم يبادلوه النَظر مُنتظرينَ منه أن يقومَ بـ غرسِ السكينَ في رأسِ أخاه جوردان كي لايتحولَ إلى ميتٍ سائر وفي ظِل هذا التوتر والتردد اللذي يملئ ويليام حول ماسيفعله قال جون.
- حسناً يـ ويليام أنا أعرف ماتعيشهُ الآن من تردد لذا أطلب منك أن تدعني أفعلها بدلاً عنك.
إستمرَ ويليام بالنظرِ إلى جُثتِ أخيه دون أيِ رد، لـ يقومَ بعدها روبرت بـ وضعِ يده على كتفِ ويليام وقال له :
- انا أسف لما جَرى لـ جوردان وأتفهم سبب حُزنك وصدمتك ولكن يـ ويليام يجب علينا إنهاء الأمر بـ سرعة قبل أن يتحول ويُصبح الأمرُ أصعب عليك.
نظرَ ويليام بـ روبرت وقال له :
- شكراً لك على ماتفعله، وأنا من سيتولى غرسها بـ رأسِ أخي .
وبالفِعل ماهي إلى لحظات وقام ويليام بـ إخراج السكين وبدأ بـ الإقترابِ من جوردان.
وفي ظِل إقترابه بدأت أشلي وكاثرين ومارغريت أيضاً بـ إبعادِ نظرهم عنَ مايفعلهَ ويليام وأما ليلي فَقد هربت وعادت إلى خيمتها وبدأت بـ البكاء بعد تذكر زوجها ومالذي حدثَ له ليلة أمس.
" صوت غرس سكين " !
بالفعل فعلها ويليام وقامَ بـ غرسها برأسِ أخيه تجنبَ أن يتحول، وبعدها قاموا جَميعاً بـ حفرِ قبرِ لـ جُوردان خلف المُخيم بـ قليل ووضعوا نصباً تذكارياً فوقه.
وبعدها عادوا جَميعاً إلى المُخيم وذهبتَ كاثرين لـ تقومَ بـ سلخِ الغزال لـ تضعه على العشاء.
وأما ويليام فقد ذَهب لـ خيمته وجلس وهوَ يفكر ويذهب بعيداً في الأفكار دونَ إنتباهٍ لـ زوجته أشلي اللتي تُحاولُ التخفيف عليه.
وفي خضمِ كُل هذا كان هُناك شخصٌ ما يُراقبُ كُلَ مايحدث في الخَفاء ويرى ماللذي يفعلونه في هذا المُخيم.
( لقد مرّت يِضعُ ساعاتٍ على موتِ جوردان وها قد حلَ مُنتصفُ الليل ) .
خرج مارتن من خيمته وسطَ هذا الليلِ المُظلم لـ يجدَ ويليام جالساً على ذلِك الجِذع وينظر إلى السماءِ بـ تأمُل ولم يكُن منتبهاً لمَ يحصل من حوله، وبالطبع لم يلحظ وجودَ مارتن.
"حَفيف!"
شعرَ ويليام بالبرد من ذلك الهواء وبدأ بالنظرِ من حوله لـ يجِدَ العجوز مارتن يُحدق فيه بـ إستغراب، وما إن حاول ويليام الحديث حتى سبقهُ مارتن بـ قوله :
- ماللذي تفعلهُ هُنا، يجب عليك العَودة إلى الخيمة لـ تستريح فـ لدينا الكثير والكثير من العَمل الشاق اللذي ينبغي علينا أن نقوم بـ عمله في الغدِ الباكر.
- لقد حاولتُ النَوم يـ مارتن ولكنني لم أستطع، لم أنسى كيف عُض أخي قبلَ ساعات ولم أنسى كيفَ قُمت بـ غرسِ تِلك السكين في رأسه، عليّ أن أبقى في الهواءِ الطلقِ لـ فترة حتى أستعيدَ عافيتي.
" تَجمجم!"
كان هذا الصوت صادِر من خلِف ويليام وما إن رأى خلفه حتى رأى ميت حي يسيرِ بـ إتجاهه وفي هذه اللحظه دَلى مارتن يده لـ يأخُذ بُندقيته اللتي تتأرجح خلف ظَهره، ولكنّ ويليام أشار بـ رأسه بـ عَدم الموافقة لـ ما سيفعله مارتن.
حينها تقدمَ ويليام نحوَ هذا الميت وأخرج سكيناً من جيبه وقام بـ غرسها بـ رأسه قبل أن يقومَ الميت بـ فعلِ أيّ شيئ.
أخرج ويليام تِلك السكين اللتي أصبحت حمراء مليئة بالدِماء وبدأ بالنظرِ إلى ذلكَ الميت والسكين تقطُر من الدِماء وقال بـ غضبٍ مستميت "تِلك السكين هيَ اللتي قمت بـ غرسها في رأسِ أخي".
"دَبيب!"
ذلك الصوت كان صادراً من تلك الأشجار المُظلمة.
أخرج مارتن بندقيته وقامَ بـ التصويبِ نحوَ تِلك الظُلمة العاتمة.
بدأ ويليام بـ التقدمِ شيئاً فـ شيئاً وأخرج مسدسه وهو يُخاطب مُصدر ذلكَ الصوت "أخرج يـ هذا ! لقد سَمعنا صوتَ خُطواتك، نحنُ نعلم بـ وجودك أخرج حالاً ولن نمسك بـ سوء".
"حَفيف!" دونَ إجابة.
تَقدم ويليام وتبِعه مارتن وقاموا بالدخول إلى تِلك الغابة المُظلمة وهُم يحاولونَ أن يروا أيّ شيئ وَسط هذه الظُلمة العاتمة.
لا أثر لأي شيئ ماعدى قِنينة ماء صغيرة فارغة قامَ ويليام بـ إلتقاطِها لـ يرى ماهِيتها ولكن بلا جَدوى فـ هيّ مجرد قنينة.
عادَ ويليام ومارتن إلى ذلكَ المكانِ المُعتاد اللذي إعتادوا أن يجلِسوا فيه وقاموا بـ الجلوس، لـ يقومَ مارتن بعدها بـ جلبِ بعض الخشب اللذين إحتتطبوه من الغابة وبدأ بـ وضعة مكوناً إياه على شكلِ مُثلث لـ يقومَ بعدها ويليام ويُخرجَ القداحة الخاصة به و يُشعل تِلك الأخشاب لـ تكونَ ناراً يدفئونَ بِها.
#يتبع

مُلاحظة : الحَفيف "صوت تحرك أوراق الشجر".
الدَبيب "صوت خطوات الأقدام".
التَجمجم "صوت غير مَفهوم". " صوت الميت السائر ".

الموتى التائهون حيث تعيش القصص. اكتشف الآن