٢٢- احتضني.

3K 240 255
                                    

"من تكونين؟" وجها سؤاله ناحية الفتاة التي كانت تقف على بعد خطوات منه.

جسمها المرتجف قد غرق وسط معطفها الأصفر وملامحها قد حجبت بواسطة الوشاح الذي لف حول رقبتها.

الجو كان بارداً جداً، رياح قوية نسبيًا وغيوم كثيفة عاتمة تنذر بهطول المطر عما قريب أكتسحت السماء.

أزقة ضيقة ومتسخة، مظلمة وخالية، لا تحتوي سواها هي وهو، والرجال الذين من حوله.

أوصالها كانت تتأكل داخليا، تنتحب وتصرخ.
تريد الفرار هاربة، لكن هنالك شيئا يشدها ويمنعها من ذلك.

مهما حاولت دفن ذلك الشعور تفشل، لقد كان أقوى من أي مشاعر أخرى تشعر بها في هذه اللحظة أو شعرت بها سابقا.

فقط هي يائسة من حياة، ميتة لا محالة، أن هربت الآن أو بعد حين...

مع أنهاءه كلامه أقترب منها بينما هي كانت تتراجع خطوات إلى الخلف بصدر يعلو ويهبط بخوف واضح.

من كان يتحدث معهم قبل أن تقاطعه نظروا نحوها بريبة وحذر.

"أنا..." تكلمت بصوت خافت لكنها توقفت فجأة ما لم تستطع أيجاد الكلمات المناسبة.

حاولت صنع جملة مناسبة في عقلها حتى تقولها لكن لم تفلح!

بلعت ماء حلقها بصعوبة بالغة وهي تلعن كل ثانية من حياتها.

"من أخبرك عن مكاننا؟" سألها مجددًا وهو يحاول قدر المستطاع عدم أظهار غضبه لها رغما نبرته الحادة والمرتفعة قليلاً.

لكنه فشل في ذلك حيث أن جسمها أرتجف بتلقائية ويديها أرتفعت في هواء تقدمهما إلى الأمام كأنها تحاول خلق درع ما.

"أريد مساعدة." تكلمت بصوت خافت جداً يكاد يكون منعدما، شفاهها مرتجفة وعيونها ضيقة برعب.

كيانها قد أهتز وأهتز معه كل قوتها وشجعتها يتبخر في الهواء كأنه لم يوجد يوما.

عقربحيث تعيش القصص. اكتشف الآن