٢٦- لاجئة.

3.1K 201 494
                                    

كان يقود بسرعة بين سيارات، يخترق الزحام ويتجاوز إشارة المرور دون مراعاة لقوانين الطرقات.

كان متمرد في قيادته على الرغم من أنها سلسة، تخترق المساحات وكأنها شبح غير مرأي، شبح يسابق الريح.

عيونه المستمتعة كانت لا توحي أبدا أن عشرات الرجال المسلحين من خلفه كانوا يلاحقونه هو تحديدا، لا توحي أنه الفريسة التي إذ تم الأمساك بها فجنازته ستكون اليوم.

هو كان شقي وثائر وذلك كان بارز في أبسط تفاصيله حتى هندامه مما جعلها تتمنى لو أن سيارة دهستها قبل أن تقابل هذا الرجل، على الأقل لن تكون في هذه الحالة المأسوية، مطاردة من قبل رجال المافيا بصحبة رجل غريب.

أعتصرت خصره بذراعيها، صدرها ألتحم بظهره ووجهها خبئته بين منكبيه.

كانت مثل الطفلة تماما، متشبثة به بكل قوة خوفا من الوقوع.

ورغما أنها كانت ترتدي خوذة كانت مغمضة العينين، تشعر بأن الهواء يخترق أذنيها ويصفر داخل عقلها.

تكتم دموعها بصعوبة وتدعوا في داخلها أن تنجو.

لكن مع ذلك المتهور الذي يقود الدراجة؟
كان أحتمال شبه مستحيل بالنسبة لها.

هي ليست خائفة من اؤلئك الرجال لأنها كانت تفكر أنهم سيطلقون سراحها على الفور لو قاموا بالامساك بها وعلموا حفيدة من تكون.

كل ما كان يثير توترها وخوفها في هذه اللحظات هو صاحب الابتسامة الشقية الذي يقود الدراجة النارية بجنون.

كان يبعث في طرقات وكأنها ملك لوالده!

خصلات شعرها الشقراء كانت تتطاير إلى الخلف كحال خاصته، تتراقص في تناغم مع الهواء القوي.

أطلق صوتاً قوي بواسطة محرك الدراجة وهو يزيد من السرعة ويلتف حول سيارات العاكفة في مكانها تنتظر أن تحل أزمة المرور التي عرقلتهم عن أكمال طريقهم منذ ما يقارب الساعة.

تجاوزهم بسرعة فائقة وهو يميل إلى اليمين تارة وإلى اليسرى أخرى، بينما التي خلفه تهتز في مكانها صارخة بفزع، تكاد تصاب بنوبة قلبية!

حاول الرجال عبثا ملاحقتهم لكنهم فشلوا في نهاية المطاف وها هم الآن يقفون بين سيارات التي أطلقت صوت أبواقها معبرة عن أستياءها من وقوفهم في شارع وعرقلة الطريق.

كان الشرار يتطاير من عيونهم وهم يرونهم يهربان منهما بعد أن نجح ذلك المتهور بأستغلال فرصة خلو مساحة كافية لتمر دراجته النارية فيها ويشق طريقه ناحية زقاق رث لا يعلم نهايته.

عقربحيث تعيش القصص. اكتشف الآن