مراجعة نقدية "مَا بَعْدَ البَلْدَة"

48 6 13
                                    

نقد قِصة قصيرة: مَا بَعْدَ البَلْدَة.
للكاتبة:  KAZEIIA

ما قرأتُ كان وَقعهُ ثقيلًا، يجعلُني أقِف عاجِزةَ أمام حصيلة مُفرداتي بِلا طَريقٍ أسلكه، لَعلّي أجِد ما يُعبر عن جَمال مَا قرأت.
كانت قِصةٌ قصيرة؛ لكنها سَرقت لُب عَقلي جاعلةً إياي أقعُ في حالةٍ مِن الإمتنان لِخَلق الكاتبةِ شيئًا بديعًا كهذا.

لندخل في صُلب الموضوع ونتحدث عن أبرز مُميزات القِصة...
اللُغة:
فصاحةُ الكلِمات وبَلاغةُ القِطع استحوذت على قلبي!
فلَم تَتكرر المُرادفات لِكثرةِ تَنوعها، بَل كُنت أقِف أمام بَعض الكلِمات أُخمِن معناها تبعًا للسياق لِشدة فصاحتها.
ورغم تَدقيقي الشديد بِكل كلمةٍ وحرفٍ قد كُتب؛ إلا أنني لَم أجد خطأً إملائيًا أُعقِب عليه.

إلا أن في علامات الترقيم لاحظت عدم وجود الفاصلة المنقوطة (؛) والتي تُكتب بين الجُمل التي تكون إحداها سببًا لِلأخرى، والتي أحتاجتها بَعض العِبارات لديكِ.

أيضًا كان التشكيل علامةَ جماليةَ أضفت لِلكلمات رونقًا جميلًا، إلا أن كثرتها وَوضعها على كُل حروف الكلمة بدون داعٍ كان مُشتتًا جاعلًا إياي أُركز على التشكيل لا على الكلمة والنّص ذاتُه. -خاصةً في الفصلي الأول والثاني-
فالتشكيل صُنع لِتسهيل قِرائة الكلمات، فإن كانت الكلمة يسيرةَ في النُطق والقِراءة؛ فلا داعٍ لِتشكيلها ولتكتفِ بِالتشكيل حَسب السياق والكلمات المُحتاجة.

___

- السرد:

لُب القِصة وأساس عرضِها لنا، والذي كان بَهيّا أخّاذًا بِما يَكفِ لِجعل القارئ مُندمجًا ويعيش بين ثنايا حروفِها.

كان ذو رَونقٍ خاصٍ جَعل طريقةَ عرض الرِواية كما الأُحجية، مُعقدٌ لَكن مُسلٍ، إن شَرد ذِهن القارئ لِوهلةٍ؛ أُضطر لِقرائة سابقةَ ما وصل إليه؛ ليجمع بين المعنى ويَصِل الإدراك إلى ثنايا ذِهنه.

ولِلغريب المُميز بِه أن بَعض المواقف بِطريقةٍ ما عُرِضت بسرد سَلِسٍ بَسيط، كمشهد خروج أسيل مِن المنزل ورُكوبها جرار جَارِها.
فهُنا تَحول السرد مِن المُعقد الذي يحتاجُ تركيزًا وذِهنًا صافيًا؛ إلى سَردٍ وَصف كُل المحيط بِشكلٍ هادئٍ ومُريح.

ولقد كان ذلك جديدًا عَليّ، وفريدًا.

___

- الحبكة:

إن كان السرد عَرض الرِواية كما الأُحجية؛ فالحبكةٌ هي الأحجيةٌ ذاتُها.

الحكبة إمتازت بِترابط كُل شيءٍ بها، إن سَقطت معلومة عن القارئ أو سَهى عنها لن يستطيع فَهم ما هو آتٍ، وكم كان ذلك مِثاليًا ومُمتعًا لِشخصٍ يَهوى رَبط كُل شيءٍ بِبعضهِ كنسيجٍ مَتين، كذلك كما كانت الحبكة، كنسيجٍ مَتينُ الصُنع تم حياكتهُ بِكل تركيزٍ ودهاء.

الفِكرة بِها مُغايرةُ لِما أعتدناه، تَجعل تركيز القارئ يَعمل؛ لِيصل إلى ذُروتهِ ليُلم بجميع زواياها ويستوعبها عقلُه.

لكن فقط؛ ماذا حَل بِأسيل في نهاية القِصه؟
وما مُستقبل دميتري كَكُل؟

___

- الشخصيات:
الشخصيات نوعًا ما كانو كُثرًا لِقصةٍ قَصيرة، لكن أعتقد أن ذلك ما كانت تَطلبهُ حبكتها.

كان عدد الفُصول قليلٌ ومحدود، فلم يكن ظهور كُل شخصيةٍ كبيرًا ووافيًا ليحفظهُ القارئ بِوقتٍ قَصير، وكان ذلك سبب حدوث اللبس لي لِفترة وخاصةً في الفصل الأخير، لِذا كُنت أفضل زيادة فَصلٍ أو إثنين، تَظهر بِه الشخصيات بشكلٍ أكبر.

___

اقتربنا مِن الإنتهاء وهانحن ذا في آخر عناصر القصة…
الاسم والوصف والغُلاف:

- الاسم: جذّابٌ ومُثيرٌ لِلفضول، رغم إعطائهِ فِكرةٌ عن أحداثٍ مُغايرة تمامًا لِما توقعته؛ إلا أنه يَظل مُعبرًا بِطريقتهِ الخاصة.
أجدتِ الاختيار.

- الوصف: كان الوصف مُتضامنًا مع الاسم مُكملًا لِسلسة الأحداث الخاطئة التي توقعتها، فهو لم يَصِف لُب فِكرة القِصة ذاتها وجعل التوقعات تذهب لِطريقٍ مُغايرٍ وأحداثٍ تقليدية، لِذا أُحبذ إضافة قِطعةٍ تُعبر عن الفِكرة بشكلٍ أكبر.

- الغلاف: لم استطع فَهمه قبل قِرائتي لِلقصة فخمنت أن الحِجاب سَينجلي بعد التوغل في القراءة، لكنه أيضًا ظَل مُبهمًا غير مُعبرٍ عن القِصة وجاذبًا لِلقُراء، أنصحكِ بإعتماد غيره مِما يُعبر عن مكنون القِصة ويُمكن الفضول لدى القارئ؛ لِرؤية ما خَلف هذا الغُلاف.

___

وفي الخِتام؛ لازلت أحمِل مشاعر الإمتنان لِقرائتي عملًا مُتقنًا كهذا الذي هُنا، فلقد أبدعتِ حقًا، وبِكل صدقٍ أحمله، أتمنى لكِ التوفيق.

دُمتم في تَفَرُد.

أوبالوسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن