اسم القصة: عَتهَهُ مَكذوب
للكاتبة: FumFum1395عمل أدبي متقن الحس والكتابة، أخذني إلى عالم آخر، جعلني أعايش نوعًا آخر فريد من الخيال لم آلفه في أي عمل قرأته ،قصة قصيرة احتشدت داخلها كميات هائلة من المشاعر التي أثارت تعاطفي الشديد، وتأثري بمعاناة بطل القصة الذي يعايش المعنى الحرفي للألم، والبؤس، والبهوت الذي أخذ يأكل روحه داخليًا.
بين ضياع وتشتت، هكذا كان حمزة يعيش أيامه، أُرغِمَ على حبس نفسه رِفقة ألمه الأكبر داخل فقّاعةٍ من الوهم حتى باتت مع الزمن جزءً لا يتجزأ منه، احتَلته بذكرياته ومشاعره وحياته كلها، ولكن ما بقي متأصّلًا به كان صبره وثقته بالله سبحانه.
في هذا العمل المؤثر؛ تجسدت قساوة المعنى في أن تبذل وتفني حياتك وروحك لأشخاصٍ هجروك عند أول حافلة نقلتهم للمستقبل الأكبر، لتتولّى الأيام مهمّتها في تهميشك وتشتيتك بعد غدوك وحيدًا.الشخصيّات:
كانوا قلّة وهذه نقطة جيّدة بالفعل، أبرزهم حمزة كون القصة تمحورت حول صراع داخلي كان يعيشه هو، حتى أنه كان من الجميل واللطيف جدًا إيهامنا بوجود شخصيّة أخرى تحمسنا للقائها، بل شخصيّات، حقًا الحماس كان يتأجج داخلي لمعرفتهم، لكن هذا لم يقلل من جمال النهاية أبدًا.اللغة:
اللغة كانت مثاليّة والأخطاء الإملائيّة كانت قليلة ولم تؤثر على جمال النص بتاتًا، والسهو في وضع الشدّات والتحريك والتنوين كان موجودًا، لكنه يكاد لا يذكر، أعود مجددًا وأقول أن روعة القصة وسردها غطت كل خطأ وُجد، وجعل ذلك من القراءة أمرًا مريحًا أتاح لنا القدرة على الانسجام الكامل مع هذه العظمة المؤثرة التي أنتجتها مخيّلة الكاتبة.
كذلك كانت هناك بضع جمل كتبت بطريقة تنافي المعني المراد قليلًا وهم:
١- «العالم كان يدور نسبةً له حول عمله ومنزله الصغير» ×
«العالم كان يدور بالنسبة له حول عمله ومنزله الصغير» ✓
العالم كان يدور نسبةً له أيّ أن العالم منسوب إليه!
أما (بالنسبة له) تعني أن العالم من منظوره وحياته فقط مقتصر على عمله وعلى منزله، هناك فرق شاسع في المعنى بين التركيبين .٢- «هو من يتنازل لأخوته الصغار، تِباعًا فإنه طالما شعر أن الله يحب صبره، ويريده دائمًا على أعتاب لياليه المشحونة أن يقف لي في الشرفة ويناجيه».
كان من المفترض وضع الفاصلة عقب ( تِباعًا ) وليس قبلها لأن المعنى المراد من الجزئية هذه أن حمزة كان كثير التنازل لأخوته واحدًا تلو الآخر، ثم هناك ( طالما ) هي أقرب إلى أن تكون شرطًا وجب وجود ليتمه له، كمثال ( طالما أن الجو مكفهر، لا مجال للخروج. )
لكن أعتقد أن الكاتبة هنا سهت وكانت تريد وضع كلمة (لطالما) التي هي الأنسب لسياق الجملة، لكنها فقط لم تقصد أن تنسَ اللام.
(جزئية خطأ {طالما} أُعيد تكرارها في مشهد زميل حمزة )٣-« لم أرى» ×
«لم أرَ» ✓
لم: حرف جزم، والفعل المضارع الذي يعقبه وجب حذف حرف العلّة فيه.السرد:
لقد سُرق قلبي كما عقلي عندما تغلغلت بين سطور النص، المشاعر التي أخذت تفيض من كل جملة ومشهد جعلت من اندماجي وتعاطفي أمرًا أثار دهشتي! ذلك الغموض اللذيذ الدافع للفضول الذي يجعلك تقرأ بحماس، وتلك الأحداث التي يتسلل جمالها من عينيك إلى قلبك مثيرةً كل ما فيك من تعاطف.ثم النهاية! هناك حيث تألمت بعد أن وضح كل شيء، حيث بقي قلبي معلقًا مع حمزة وكيف سيكمل رحلته المؤلمة الموحشة، رغم ذلك النهاية كانت مناسبة حقًا وجيدة للقصة.
الوصف:
وجدته أكثر من كافٍ للتعبير عن مكنون النص، لكن لدي تصحيح صغير لجملة، لكيلا يفهم القارئ الكلمة بمعنى خاطىء.
-« هل أنا أعيش في واقعٍ يبحثُ فيَّ الجنون؟»
أعتقد أن الكاتبة في وصفها لم تقصد كتابة ( يبحث ) بل قصدت وضع حرف العين عوضًا عن الحاء فتصبح( يبعث )، لكي يكتمل معنى الجملة، كلمة ( يبحث ) تختلف في معناها عن كلمة ( يبعث ) بالتأكيد، هو فقط خطأ صغير في وصفٍ رائع التعبير.«عَتههُ مكذوب!»
حمزة لم يكن مجنونًا، ما ظهر عليه في النهاية أنه لم يكن معتوهًا هو فقط أفتعل ذلك ليُكذب وجعه الأكبر، ليس مجنونًا كما شك جاره، أو طبيبه أو زميله الذي تفنن في رمي الكلام المسموم على مسامع قلبه؛ لذلك كان هذا هو العنوان المناسب حرفيًا للقصة ومحتواها.الغلاف:
كان معبرًا بشكل جيد عن محتوى القصة، مشفى، مقاعد الإنتظار عند العيادة أين كان يجلس حمزة مشتتًا كل مرة، فقط العنوان في الغلاف لم يكن صحيح الكتابة.القصة رائعة ومشوقة بكل ما للكلمة من معنى، لن أنسَ هذا العمل المؤثر البتة، بسببها آمنت أن العمل الأدبي الذي يجعلك تعيش مشاعره عندما تقرأ سطوره متأثرًا؛ هو ما يستحق وبجدارة أن يسمّى قصة فعلية.
وفي الختام نتمنى التوفيق للكاتبة وأن نرى المزيد من أعمالها.
ما رأيكم في مراجعة اليوم؟
هل قرأتم عَتهَهُ مكذوب؟
أيقظو روح الناقد بداخلكم وشاركونا بآرائكم.دمتم في تفرد. ♡