متى نأخُذ كفايتُنا؟!

791 24 11
                                    































كانَ الحُضنُ الوَحيد الذي أحتضنتُها إيّاهُ دونَ خجل، خوف أو تردُّد...

بعد لحظات من صمتنا طَرَت على بالي فِكرَة فقلت لها بهدوء "نخرُج؟"
رفعت رأسها قليلاً في حُضني وقالت "إلى أين؟" قُلت "أجلبي مفاتيح السيارة ودعي الباقي علي" لترفع رأسها بالكامل تُرخي يديها عني ثم قالت "نهرب؟!" وأضحك أنا مُنزلةٌ رأسي ثم نظرت لها قائلة "سنخرُج لبعض الساعات ونعود" أنظُر للخلف ثم لها أُحاول ألا أبقي وجهي في وجهها أشعُر بالقليل من الإستحياء فأبتسمت لِيشرُقُ السّهدُ في مُحيّاها وذهبت مسرعة تقول "لحظات... لحظات" وأنا لا تزالُ نُجوم عَينايَ تلمَعُ مِن إشراق مَبسَمِها، وبالفعل لحظات لحظات حتى عادت ترتدي حقيبة يد صغيرة تُشير بالمفتاح فوضعته بيدي وهي تبتسم كالملاكُ!

فأمسكت بيدها وألتفت للوراء بجسدي وهي خلفي مُتجهة للباب حتى فتحته وخرجنا وأنا أضغط على زر فتح أبواب السيارة ثم فتحت لها الباب ما أن وصلتُ لهُ وهي تركب بسعادَة ثم دُرتُ حتى وصلت باب السائق وأنا تارة أنظُر لها وهي تخرج هاتفها تُسجل وتارة أنظُر لأسفل أقدامي حتى ركبت فإذا بها تقول "سوف نهرب الآن ونترك لكم هذا البيت اللعين" ثم تقهقه ناظرة إلّي ثم للكاميرة... فإذا بي أُديرُ المُحرّك وأنطلق بنا دون النظر للخلف!

وقد كان قلبي يكاد أن يتساقط أشلاء بين أحشائي من الخيفَة والتوتر ولكنني شددتُ عليه وتماسكت جداً كي لا تخاف أو شيئاً بعد...

وبقينا هكذا لساعاتٍ طَويلة وهي تُمسك بيدي وتميل علي تارة تلتقط الصور وتارة تضحك، وكأنها طفلةٌ بأقصى مراحل سعادتها وحماسها... أزالت الخوف من داخلي وكنت أضحك معها بينما أحاول أن أركز على القِيادة لأنها بالحقيقة كانت ثاني مرة أقودُ بها في حياتي!

لكن تجرأتُ لأجلها...

ومرَرنا بالقليل من الأماكن كون الوقت متأخر للغاية، وكانت معنا بعض المشتريات من الطعام والشراب وبعض الحلويات، نأكل منها ونشرب نستمتع بإنفرادنا عن كل شيء، ونستمع للأغاني...

حتى هدأت للحظات حين دخلنا لطريق عام خالي من المباني وكنت متعمدة ذلك، فقالت "قفي على جنب" تبسمت أُحاول إمساك ضحكتي فأقول أصطنع التعجب "هنا؟" لتلتفت علي بِدلالٍ  قائلة "هيا"

إنعطفت للأراضي الفارغة...

وهي بدأت تصرخ بحماس، وكنت أضحك فتضحك...

كانت فارغة، خاوية، تُرابٌ على تُراب... وأمتلئت بصخبنا وتوترنا وضحكاتنا والكثيرُ والكثير من الشعور الذي لن يتكرر مجدداً!

ملاك شيطان devil angle حيث تعيش القصص. اكتشف الآن