٢٧

82 5 1
                                    

-اممم...

-اهلا!

-لقد سألتني ذات مرة ما هو الحب، ولكن هذه المرة انا من يريد ان يسألك عن ماهية الحب؟

-في الحقيقة لا استطيع ان اجيب على هذا السؤال.

-لماذا؟

-لا اعلم ان كانت علاقتي آنذاك هي حُب؟ لا اعلم إن مررت به أصلًا! كما اني لا أحبذ التفكير في الامر

-اممم، ربما لم تكن؟

-هي في الحقيقة لم تكن. ولن تكون حتى أُقدّم هذا الشعور لنفسي، إن الامر معقد قليلًا والحُب ليس مثل ما نتصوره، ففي الحقيقة هو مشوّه بواقعنا وأذهاننا، ولا أظنه واضحًا في هذا الزمن...

-لمَ؟

-كما قلت لك، الامر معقد قليلًا...

-هل تألمت بسبب هذه التجربة؟

-رُبما ورُبما لا! يبدو لي أن كل ما في الامر هو أنني نضجت.

-هل من الضروري ان يكون النضوج بالألم؟

-لا اعتقد ذلك، وانما النضوج بالتجربة.

-هل من المفترض ان تكون التجربة مؤلمة لتجعلك ناضجًا؟

-ليس من الضروري ان تكون مؤلمة.

-رُبما...

-بل مؤكد!

-وما الذي يجعلك مُصرّ على أن التجربة لا يجب أن تكون مؤلمة لتجعلك تنضج؟ اعني بربك أنظر حولك! نحن لا نستيقظ إلا عندما يحفرنا الألم ويُغرقنا في وجعهِ، عندئذٍ ندرك أن ما نحن عليه ليس شيئًا صحيًا وبعد ذلك نُصلح الأمر ونُصلح انفسنا...

-نعم، أعلم ذلك، بعض البشر بل أكثرهم لا يستطيعون إستيعاب ما يحدث حولهم، وهذه حقيقة. الشخص لا يدرك الخطأ وينضج الا بعد ما أن يغرق حتى يصل إلى القاع،  أو بعد أن يتدمر كل ماحوله، عندها سيدرك ذلك ويحاول أن ينجو بنفسه وهذا مُرهق جدًا ومُتعب، خصوصًا عندما يحاول الشخص أن يُصلح كل ما كُسر وهُدم.

-انت تقصد ان اكثر البشر لا يفرقون بين الخطأ والصواب؟

-ليس الأمر كذلك، ثم إن الحياة ليست خطأ صريح وصواب مُطلق، قد يكون الأمر نسبيًا وأعمق مما أقول انا ولكن دعني ابسّط لك المعنى بهذا المثال، كـأنما تكون في علاقة مدمِّرة وتستمر في هذه العلاقة رغم التحطيم الذي تناله والقصور والاهانة، وتستمر انت في التجاهل ومحاولة الإصلاح، إلى أن يصل بك الأمر للقاع؛ بمعنى أنك تتحطم وتُكسر ولم تعدّ تطيق الاستمرار، عندها ماذا ستفعل؟

-أقرر الانفصال، بالطبع.

-لازلت تقرر! بمعنى تفكر في اتخاذ القرار، لذلك عندما يكون الشخص واعيّ بحجم الدمار الذي يحدث، سينهي الأمر وينفصل بدلًا عن الاستنزاف الذي يحدث لكلا الطرفين.

-مُذهل!

-ورُبما قد يكون الشخص الواعي رافض لدخول العلاقة بذاتها لأنه قد رأى امورًا وأدرك بعض التصرفات التي تُوضح له نهاية العلاقة، فالشخص الواعي هنا لم يهدر أو يستنزف محاولاته في ذات العلاقة السيئة.

-تعني ان الواعي قد ينضج من التجربة قبل ان يجربها حتى؟

-لا، وإنما الواعي يخوض التجربة ويكون مدركًا، يعرف الاشارات والأحداث والكلمات ويفهمها، الواعي بطبعه حذق، ورُبما يكون في علاقة مستنزفة كما قُلنا بذلك المثال ولكنه ينهيها مبكرًا، قبل ان يسقط في القاع مستنجدًا.

-ماذا عن الباقين الذين في القاع؟

-رُبما هم يرون أنهم لا يستحقون الأفضل لأنفسهم.

-ماذا إن كانوا يرون أن ما هم عليه هو أفضل شيء وقد يستحقونه؟

-عدم استحقاقهم هو نتيجة جهلهم.

-إذًا، انت ادركت أن ماكنت تعيشه ليس بحب، ولذلك انفصلت؟

-في الحقيقة لا علاقة الحب بالأمر، ولكن جميع الاحتمالات كانت تؤدي إلى طريق الفشل، لذلك أنهيت ما بيننا مبكرًا، رُبما أبدو ناضجًا الآن XD

-شكرًا لك، لأنك شاركتني هذا النقاش، ولكن لا زال جانب الحُب مجهولًا.

-العفو، وأعلم ذلك، كما قُلت سابقًا إنه أمر معقّد.

-اذًا، وداعًا؟

-وداعًا.

وداعًا.

Just someone | مجرد شخصحيث تعيش القصص. اكتشف الآن