الأخ الأصغر

465 17 3
                                    

1.


وجود الآخر ينمّي المشاعر... بحلاوة السعادة ومرارة التعاسة. عبير الحياة والنّاس في وئام مع بعضهما البعض. البصر، السمع، اللمس، التذوق، الشمّ... الحواس الخمس دليل على أنّنا على قيد الحياة. فهي تجعلنا نتواصل مع العالم وتربطنا به.
إن كان الأمر كذلك، فلابدّ من أنّ عشيرة الأوتشيها، التي تمتلك قوة بصرية استثنائية، الشارينغان، قادرة على التواصل بشكل أعمق مع العالم. لكن تلك الصلة، على الرغم من قوتها، لم تكن أبدية. فهذه العيون التي تستطيع رؤية ما يمكن رؤيته وما لا يمكن رؤيته، تفقد قدرتها تدريجياً. ينعزل صاحبها عن العالم وينغلق على نفسه، فيفقد بصيرته في نهاية المطاف. قوية بالسيف ومغدورة بالسيف. ربما كانت تلك العشيرة تحت رحمة السيف.
أين كان هو من كل ذلك؟
في نسيم الليل البارد، دخل رجل إلى كهف ليحتمي. كان ثوبه ذي السحب الحمراء يتأرجح كشعره الأسود.  على خلاف هذا الثوب، لم تكن أي سحب في السماء، وحده البدر برز جلياً للعيان. رفع رأسه فالتقطت الشارينغان خاصته ضياء القمر. لمس الرجل جبهته بلطف. على واقية جبينه نُحت رمز قرية كونوها، دليل على كونه شينوبي. ليس ذلك فحسب... فقد كان ذاك الرمز مشطوباً بخطٍّ أفقي. دليل على كونه مُنشق.
أوتشيها إيتاتشي. الشخص الذي اعتُبر عبقري عشيرة الأوتشيها الموقّرة، صار الآن متمرّداً قتل عشيرته. ومع ذلك، فإنّ إيتاتشي الذي حكم بسيفه على أولئك الناس، كان ينتظر أن يُحاكم بدوره.
لديه أخ أصغر. جرح مشاعره بعمق تماماً كما فعل بواقية جبينه هذه. حدث ذلك في يوم كهذا، في ليلة مأساة دامية. في سبيل إيقاف انقلاب العشيرة... تحوّل رابط المودّة بين إيتاتشي وساسكي إلى كراهية ساسكي لإيتاتشي، والتي أصبحت الآن أساس العلاقة التي تربطهما. لكن إيتاتشي فعل كل ذلك دون أن يوضّح شيئاً.
خطر رجل آخر في ذهنه. رجل أحبّه كأخٍ له، شيسوي. في ذلك الوقت، حاول يائسًا وقف الانقلاب حتى أنه انتحر في سبيل ذلك. أنت أعز صديق لي، لا يمكنني أن أطلب هذا من شخص آخر. احمِ هذه القرية... واسم عشيرتنا.
شيسوي الذي لطالما فكّر في كونوها وفي الأوتشيها، تلاشى في أعماق الظلال دون أن يظهر على السطح مرّة أخرى. عاش حياته كشينوبي. فكر إيتاتشي أن يكون مثله، بالرغم من أن تحمُّل الخطيئة ووصمة العار أمر صعب بالنسبة له، تماماً كارتداء ثوب الأكاتسكي.
لن يتردد ساسكي في قتل إيتاتشي لطالما أنه يرى أخاه الأكبر يغوص في الفساد. خلاف ذلك سيشكل مشكلة. أكثر من أي شخص، إيتاتشي يعرف مدى صعوبة أن تتعلقّ بأحد ما وتحبّه. عندما يقتل ساسكي إيتاتشي، لا يريده أن يشعر بالحزن والأسى عقب ذلك. إيتاتشي يحلم بقدوم ذلك اليوم. لكن يبدو أنّ الأمر سيستغرق بعض الوقت ليتحقق.
أغلق إيتاتشي جفنيه حاجباً عن عينيه ضوء القمر. ما زالت هذه العيون تنزف دماً، حتى الآن.
- ألا تستطيع النوم، إيتاتشي-سان؟
سمع إيتاتشي صوتاً قادماً من الخلف فالتفت إلى الوراء. هناك كان يقف كيسامي هوشيغاكي، رجل ضخم البنية يحمل سيفًا كبيرًا: ساميهادا. كان يُعدُّ واحداً من سيافي قرية الضباب الدامي السبع، أمّا الآن فهو مرافق إيتاتشي في الأكاتسكي.
- فكّرت أنه إن كان عليك هجر الأكاتسكي، فلابدّ أن تغادر في صمت.
لم يستطع التمييز من كلامه إن كان جاداً أم كان يمزح، فضيّق إيتاتشي عينيه. ابتسم كيسامي.
- لا ترمقني بهذه النظرة، رجاءً. آسف على إزعاجك في خلوتك لكن... الفريق المكون من فردين في الأكاتسكي يهدف أيضًا إلى مراقبة بعضنا البعض. لا أعرف متى ومن سيخونني... كما قد فعل أوروتشيمارو.
أوروتشيمارو من كونوها تماماً كإيتاتشي، فرد من الثلاثي الأسطوري المكون أيضاً من جيرايا وتسونادي. شخص لا يرحم، يستخدم كل الوسائل المتاحة للحصول على رغباته، والأكاتسكي كانت إحدى هذه الوسائل. أثناء تواجده بالمنظمة، سعى للحصول على جسد إيتاتشي الذي يتمتع بموهبة طبيعية. غادر بعد أن فشل في ذلك. آنذاك، بدا أن ساسوري، محرّك الدمى الذي كان مرافق أوروتشيمارو، تأثر بهذا الانفصال.
- في الحقيقة... أنا فخور بالعمل معك، فأنت عبقري منظمتنا. اليوم الذي تخون فيه الأكاتسكي، سأكلّف بقتل هذا العبقري!
أعاد إيتاتشي نظره إلى القمر مرة أخرى دون أن يدلي بإجابة.
- هل أتيت لتقول لي هذا؟
ضحك كيسامي بخفة.
- بالطبع لا. لم آتِ لأخرج ترهاتٍ من فمي.
نظر كيسامي إلى القمر أيضاً ومدّ يده إلى سيف ساميهادا الذي على ظهره.
- والآن... لنرى من هناك!
القمر الذي كان واضحاً حتى اللحظة، سرعان ما أصبح ضبابيًا. لم يكن ذلك بفعل الغيوم وإنما بسبب ضباب كثيف ساد المكان؛ لدرجة لم يتمكن إيتاتشي حتى من رؤية كيسامي وهو على بعد مسافة قصيرة منه.
- عجباً، هذا يشبهني!
- فن النينجا: (نينبو) تقنية الاختفاء في الضباب.
تقنية مائية تستخدم غالبًا في قرية الضباب المخفية.
طارت عُدّة من الكوناي مستهدفة كيسامي الذي سحب ساميهادا وصدّها كلّها. لكن ظلاًّ جديداً ظهر من الضباب.
- كيسامي، إنهم شينوبي مطاردون من كيريغاكوري! (قرية الضباب المخفية)
الشينوبي الذي ظهر كان يرتدي رمز قرية الضباب ويبدو أنه يستهدف كيسامي. قبل أن يستوعب كلمات إيتاتشي، كان المستهدِف قد شكّل إشارات بيديه.
- أسلوب الماء: (سويتون) تقنية رصاصة الماء.
اندفع المطارد بقوة إلى الأمام فاصطدم كيسامي بالماء الذي كان يخرج من فمه. ظهر شينوبي آخر وأطلق تقنيته.
- أسلوب الماء: تقنية السجن المائي!
أصبحت المياه التي ضربت كيسامي بتقنية الرصاصة المائية أثقل وتحوّلت إلى كرة حول جسده. أي استخدم الشينوبي الثاني الماء لإنشاء قفص لا مفر منه.
- حسنًا، سآخذ كيسامي كما هو!
على ما يبدو، هدفهم كيسامي فحسب.
- هل أنت مستجد؟ لقد تم لعقك!
قهقه كيسامي وهو لايزال محبوسا.
- كيسامي، لا تبالغ في الاستهتار.
- هذا يعتمد على الطرف الآخر!
استجابةً لنصيحة إيتاتشي، قام كيسامي بإشارات بيديه.
- سحقاً... ما الذي؟
ابتلع كيسامي الماء الموجود في الزنزانة.
- أسلوب الماء: انفجار موجة الماء!
عندما نطق كيسامي باسم التقنية، بصق كمية هائلة من المياه في الزنزانة.
- غبي! هذا السجن المائي لا يمكن كسره!
بعد تفعيل تقنية الإيهام بالغرق، نفد صبر أوشينو فوضع يديه على الزنزانة محاولاً الضغط على كيسامي. لكنها تضخمت دفعة واحدة بفعل المياه المندفعة وانفجرت كبالون مائي.
أُطلق سراح كيسامي فهزّ رأسه والتقط ساميهادا.
- والآن... دعونا نهاجم أيضًا!
اندفع نحو خصمه، ثم ضرب بسيف ساميهادا بطنه مستمتعا بإحساس الألم الذي سببه له. انسلخ لحم الشينوبي وتناثر دمه. التهم ساميهادا تشاكرا الخصم وحوّلها إلى كيسامي.
قام الشينوبي الآخر بإشارات بيديه.
- سوف أترك أثرا حتى قبل أن يموت رفيقي! بفضلك، أفضلية الأرض موجودة.
ارتفع مستوى الماء كالبركة حول كيسامي.
- سأفعلها... أسلوب الماء: تقنية أسماك القرش!
أخذ الماء شكل سمكة قرش مكشِّرة عن أنيابها. هذه إحدى التقنيات التي يجيدها كيسامي.
- تباً! أسلوب الماء: جدار الماء.
سبح كيسامي في البركة بسرعة أكبر من خصمه وشكّل جدارًا من الماء لحمايته.
- غيااا! صرخ خصمه.
افترس سمك القرش الشينوبي الآخر في الماء وابتلعه.
- نحن نعرف أيدي بعضنا البعض!
تلاشى الضباب الكثيف وأضاء القمر مرة أخرى. وضع كيسامي ساميهادا على ظهره.
فجأة، شعر إيتاتشي بتشاكرا أخرى.
- كيسامي، فرقتهم مشكّلة من أربعة رجال!
بمجرد أن أدلى بذلك، قفز رجلان آخران من بين الحشائش.
- أليست أفضلية الأرض موجودة؟ كييرو-ساما سيعيد استخدام تلك العبارة!
الرجل الذي أطلق على نفسه كييرو-ساما لم يكن يرتدي رمز كيري، عكس الشينوبي السابقين، لكن هذا لم يعنِ بالضرورة أنه ليس شينوبي هو الآخر.
رغم ثرثرته، شكّل في لمح البصر سلسلة إشارات معقّدة بيديه، ما أوحى بقدوم تقنية عظيمة.
- سويتون: تنين الماء!
ظهر تنين مائي تحت أقدام كيسامي كاستجابة لصرخة كييرو. أوحى مظهره باستخدامه مستوى عالٍ من التشاكرا. هاجم التنين كيسامي وهو يلتف حوله ويعصره دون أن يترك له الوقت للقيام بإشارة بيديه أو سحب ساميهادا من على ظهره.
- تحرير!
رغم ذلك، استطاع كيسامي التحرر من التقنية قبل أن تتسبب له في إصابة مميتة. انفجر تنين الماء في السماء وتساقط على الأرض كالمطر.
- كوداكا! هيا بنا!
شكل الرجل المدعو كوداكا إشارات تحت معطفه فالتفّ حوله عدد لا يحصى من الأضواء. قام كييرو بإشارات أخرى.
- سويتون: وابل المطر الغاضب!
هتف كييرو بهذه التقنية فتحوّل الماء المتدفق كالمطر إلى اللون الأسود وغطى كيسامي حاجباً عنه الرؤية.
- أجل! إبر الرعد الصاعقة!
بمجرّد أن أطلق كوداكا تقنيته حتى أصبحت جزيئات الضوء إبراً حادّة، اندفعت نحو كيسامي وطعنه. على الرغم من وجود العديد منها، إلاّ أنها كانت رقيقة وصغيرة للغاية، فلم يتمكن من تمييزها بوضوح، كل ما شعر به كان ألم الوخز.
لمس كيسامي جلده.
- إنه...
تورّمت المناطق المصابة وتلوّنت بالأحمر. شعر كيسامي بتخدير يكتسحها وتثاقل جسده فركع جاثياً.
- هياهاها! إنها نهاية الوحش المختبئ في الضباب!
لم يكن ليفوِّت على نفسه هذه الفرصة. سحب كييرو سيفه وصوبه باتجاه رقبة كيسامي.
- كيسامي، توخّ الحذر!
أوقف إيتاتشي بسهولة سيف كييرو بواسطة كوناي.
- إنهما يستخدمان تقنيات غير مألوفة.
ركل إيتاتشي بطن كييرو بنعله.
- غاااه!
- كييرو!
أمسك كوداكا بجسد كييرو وتراجع محافظاً على مسافة معينة.
- آسف، إيتاتشي-سان. يبدو أنني سُمِّمت. هل مزجوا السم بالماء وأقحموه في جسدي بهذا الرعد يا ترى؟
سحب كيسامي ساميهادا بيديه المتورمتين وهو يشعر بالشلل.
- لا يمكنني فعل شيء حيالها، فلأقطعها. قال وهو يكشط المنطقة المصابة بعمق دون أي تردد.
- أوه، هذا الرجل يكشط لحمه... 
- ماذا دهاك، هل خفت، كوداكا؟!
صرخ كييرو في وجه كوداكا الذي ارتعش صوته عندما رأى ما قام به كيسامي.
- أيها الأحمق! كف عن كونك جباناً وطارده!
- لكن كييرو! لقد قمتُ بالطلقة الأولى! وتلك الشارينغان... سيصبح الأمر خطيراً إن تدخّل أوتشيها إيتاتشي. دعنا ننسحب!
- اخرس! بالحديث عن ذلك، اهزم إيتاتشي واصنع لنفسك اسمًا! سنقوم بالطلقة الثانية، لنذهب كوداكا!
حبس كوداكا أنفاسه ولحق بكييرو الذي شكّل إشارات بيديه مسبقاً.
أغلق إيتاتشي عينيه بهدوء وركزّ قوته فيهما.
- الثروة والشهرة كلها تتلاشى أمام هاتين العينين... ثم تختفي.
غنجوتسو المانغيكيو شارينغان: تسوكويومي.
- مـ-مـ-ما هذا؟
فجأة حلّ عالم من الظلام؛ لا يوجد فيه سوى إيتاتشي وكييرو. لقد تم جره إلى عالم تسوكويومي.
- ماذا فعلت؟!
كان كييرو يقف على حافة بحيرة ويديه وقدميه مقيدتان.
- ستستمر في الغرق خلال الـ 48 ساعة القادمة.
فزع كييرو من كلمات إيتاتشي.
- ما الذي تتحدث عنه؟
سقط كيرو في البحيرة وهو يصرخ.
- كييرو؟!
فجأة صمت كييرو وسقط جسده على التربة الموحلة. كان تنفسه مضطربًا، ركض كوداكا نحوه على عجل فوجده يتصبب عرقًا.
- انتهى أمري...
ضحك كيسامي على ما حلّ بكييرو. التقط إيتاتشي الكوناي وسار نحوهما بنية إنهاء حياتهما.
- كييرو!
نادى كوداكا اسم كييرو بقوة. مدّ هذا الأخير يده اتجاهه وهو يلتقط أنفاسه. أمسك كوداكا بها للتخفيف عنه.
- تمالك نفسك كييرو!
توقفت خطوات إيتاتشي فجأة.
- نيي... سا...
أصدر كييرو صوتًا خافتًا.
- أنقذني... كوداكا نيي-سان.
كالطفل المرعوب، ضاق صدر إيتاتشي.
انتهز كوداكا الفرصة فاختفى وهو يحمل كييرو المتأوّه ألماً على كتفه.
______
نيي-سان: أخي الأكبر.

Akatsuki Hiden: Sakimidareru Aku no Hana أكاتسكي هيدن: أزهار الشر في ذروة تفتحهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن