البداية

19.7K 909 266
                                    

فينيكس، يعني الأحمر الداكن، إختاروا لها هذا الإسم بسبب لون عينيها وشعرها المذهل، إنه أسود فعلياً، لكنه يصبح أحمر في الشمس كما لو أنه يشتعل.

لم تكُن ملامحها مُذهلة، كان ذلك النوع من الوجوه الذي تنساه بسرعة شديدة، رغم ذلك لم تتذمر يوماً، إنها مقتنعة أن الوجوه هي فقط طبقة من الجلد وليس لها علاقة بالمستقبل.

فينيكس وقعت في الكثير من المشاكل اليوم حتى وصلت إلى مكان جعلها تُعيد الإيمان بالقدر، إنه إعلان لوظيفة جديدة، شخص ما وضع لافتة أمام باب حديدي أنهم يحتاجون المساعدة، مدّت بصرها خلف ذلك السياج الذي تحتلّه النباتات المتسلقة لتشاهد بيت أشبه بتصميم القصور، قديم جداً، وغامض جداً.

أصبحت مترددة وبقوة بعد رؤية هذا المبنى المخيف، كيف ستدخل فجأة هكذا وتطالب بوظيفة، ثم ماهو نوع المساعدة التي يقصدونها... وضعت يديها في جيوبها ولم يكن لديها شيء غير ثمن رحلة واحدة في الحافلة وكمامتها، وهذا جعلها تعيد النظر بالموضوع.

لم يكن هناك رقم للهاتف على اللافتة ولم تكن البوابة مفتوحة، كان هذا غريب جداً، أخيراً شاهدت رجل يخرج من القصر، كان بعيد لدرجة أنها لم تتأكد من لون ملابسه.

"مرحباً!" صرخت وهي تقفز وتلوح بيدها، لقد جذبت انتباهه بسرعة، ربما لديه سمع قوي، أخيراً وصل إليها فارتدت كمامتها الزرقاء فوراً، ألقى عليها الرجل التحية، كان يبدو مالك هذه المُلكية بسبب ملابسه الرسمية حيث قميصه أبيض وبنطاله أسود، كان يبدو مرتب جداً وهذا يجعلها مرتبكة لأن فينيكس في حالة فوضى عارمة.

"كيف يمكنني مساعدتك؟" قال الرجل بأدب غير آبه لعدم وجود كمامة على وجهه.

أشارت فينيكس بإصبعها على اللافتة قائلة "اعتقدت أنكم تحتاجون المساعدة"

"صحيح... هل لديكِ موعد أيتها الآنسة؟"

حركت رأسها بإحراج "ليس تماماً... أنا أعيش في مكان بعيد جداً ووصلت هنا مصادفة"

أمعن النظر بها قليلاً وكان يبدو عليه الشكّ، هي تعرف تماماً ما الذي ينظر إليه، إنه بنطالها ذو الركبة الممزقة والجرح الجديد في ركبتها، تبدو حقاً مثيرة للشكّ.

"هل تسمحين لي بسؤال... كم هو عمرك؟"

أيقنت الآن أنه لا يأخذها بجدية بسبب أنها تملك جسم صغير، والصِغار دائماً يعبثون ويثيرون المشاكل.

"أنا في الثالث والعشرين" قالت لتلاحظ ضوء في معصمه، كان لديه اتصال وارد في ساعته الذكية، استأذن منها وابتعد بسرعة حتى يجيب، لم تستطع سماع ما يقول، لكنها شاهدت شبح شخص يراقبها من نافذة عالية في القصر واختفى بسرعة.

عقدت حاجبيها وتمتمت "مثير للإهتمام"

"أيتها الآنسة" جذب نداء الرجل انتباهها "تفضلي معي، إسمحي لي بتقديم كوب من الشاي لأجلك"

"شكراً سيدي" حادثته ومشت بقربه، خلال ذلك تعرفت على إسم السيد بانشي، كان كان لديه شكل غريب وجهه يبدو شاب ثلاثيني لكن شعره مليء بالشيب، لهذا لم تستطع تخمين عمره.

دخلت فينيكس أسوارهم ولم تنبهر من جمال البيت من الداخل، هي لم تعد لديها القدرة على الإنبهار بعد الآن.

قدم لها بانشي الشاي وجلسا سوياً في غرفة المعيشة، كان يسألها عن أمور معتادة حتى يتعرف عليها، ثم شيء ما تغير بتعابيره عندما طرحت فينيكس سؤال "ولكن أنا لم أفهم بعد ما هو نوع المساعدة التي تحتاجونها؟"

"مهمة واحدة ستتوكل لكِ فقط إن رغبتِ بذلك، أنا أحتاج فقط شخص يُخرِج سيدي من وحدته واكتئابه"

حركت رأسها بعض الشيء باِستغراب، لقد توقعت كل شيء إلا هذا الموضوع، لكنها لا تملك مشكلة حتى الآن بذلك طالما ستساعد شخص مر بمثل تجربتها.

"حسناً هل يمكن أن أحصل على تفاصيل أكثر؟"

"بالطبع، إن مالك هذا المنزل يُدعى داركوس بليد ربما سمعتِ باِسمه من قبل، السيد بليد يملك كل شيء حرفيا حتى ما لا يريده، لكن في الآونة الأخيرة اكتشف نقصان شيء أحدث فجوة كبيرة في راحته، الأصدقاء..."

توقف عن الحديث وسكب لنفسه كوب آخر من الشاي من ثم تابع "أنا المسؤول عن هذه الفكرة، كان السيد بليد يقول أنها بلا فائدة ولن تخرجه من وحدته واكتئابه ولكني أرى بعض الأمل في قِلة من الشباب وأنتِ واحدة منهم، صدقيني آنسة فينيكس لا أُدخِل غير النُخبة من الناس إلى بيت السيد بليد"

أخذت نفس عميق بينما ترتب أفكارها "حسناً سيد بانشي شكراً على المديح اللا مباشر، لكن ألا تعتقد أنه أمر غريب أن تستدرج الناس بالمال بحجة أنها وظيفة ثم تخبرهم أن عملهم هو فقط إخراج شخص مِن وحدته خصوصاً أنك موجود بحياته؟ لا أعتقد أن الأمور تجري هكذا في العالم الواقعي، الأصدقاء يحتاجون إلى قَدر يجمعهم ويحتاجون للمشاكل حتى يعرفوا قمية بعضهم الحقيقية"

أجاب بتعابير خائبة "أنا لست الشخص المناسب لأني لا أفهمه أغلب الوقت ولا أشاركه أي اهتمامات خصوصاً فارق العمر بيننا، أحاول صنع القدر بنفسي لأني فقدت الأمل، أنا قَلِق على سيدي بشدة، علي إخباركِ بهذا السِّر ولكن أكتميه جيداً، السيد بليد بدأ يؤذي نفسه، لقد مرّ أسبوع منذ أن خرج من المستشفى، لهذا السبب أحاول العثور على صديق بأسرع وقت، فكري جيداً آنسة فينيكس، قد تنقذي حياة شخص، اعتبريه عمل إنساني"

"ولكن ألا يفي الطبيب النفسي بالغرض؟"

"صدقيني لقد قمت بدراسة الموضوع وجربت كل شيء سابقاً لكن لا فائدة، هذا الحل الوحيد والأخير"

"حسناً ماذا عن الوباء؟ ألا تخشى أن تصابوا بالعدوة؟"

"فقط ثِقي أننا بأمان… في حال وافقتِ على وظيفة كهذه سوف تقومين بتوقيع عقد معنا ينصّ على أنكِ ستتلقين كل أشكال الحماية طالما أنكِ تحت سقف هذا القصر وستكون هناك الكثير من الميزات الأخرى"

كانت تستطيع رؤية الخيبة والإستسلام بوضوح في وجه مُضيفها، لكنها أيضاً لا تملك خيارات كثيرة ووضعها المادي سيء، وأصدقاؤها حالياً خيبوا ظنها لذا قد تكون ورقة ذهبية رابحة، جمعت بعض الهواء في رئتيها وقالت فجأة "حسناً"

رفع بانشي رأسه الخائب أخيراً بذهول بعدما سمِع موافقتها، كان على وشك أن يُصاب بالوحدة أيضاً ولكن أخيراً وافق شخص جيد على هذا العرض.

استطردت فينيكس بتبسم "إعتمد عليّ، ولكن عليك أن تُغذيني بتفاصيل أكثر"
......

|| النخبة ||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن