حكم الهوى (الجزء الثاني من رواية وليدة قلبي) "مكتملة"

مشهد (٢)

تراصوا حول مائدة الطعام الذي يترأسها سليم كالعادة يتناولون فطورهم في جو عائلي دافئ  عندما هتفت ريما بصوتها الرقيق قاطعة الصمت الذي  احتل المكان:

بابي هي ناناه هتيجي امتي

اجابها بهدوء وهو يتناول طعامه:

لحقت توحشك يا حبيبتي دي لسه مسافرة امبارح

قالت ريم بنبرة يشوبها الحزن:

البيت وحش من غيرها

تدخل محمود الذي يبلغ من العمر سبع سنوات في الحديث قائلًا بعبوس:

اصلًا مش عارف هي سافرت ليه؟!!

ثم وجه كلامه الي والدته بحماس:

مامي طالما بابي كده كده مسافر ليه مانسافرش لتيتا؟

لوت ريم شفتيها من الفكرة وهي تتخيل وجه ساندي الكرية بالنسبة اليها ثم قالت لصغيرها:

ماينفعش يا حبيبي عندي شغل وانتوا عندكم مدرسة 

تأفف محمود صامتًا من سيرة المدرسة التي عكرت صفو فطوره بينما التفتت ريم الي اسامة الذي لا يشاركهم الحديث فوجدته ينظر اليها بأعين لامعة ولا يحيد بأعينه عنها فهتفت بتساؤل وهي تمرر اناملها في خصلات شعره برقة:

مالك يا حبيبي مش بتاكل ليه؟

قال اسامة بحب:

مامي انتِ جميلة اوي ، اجمل واحدة في العالم

تأثرت ملامح ريم علي الفور من كلماته البسيطة وكادت مقلتيها ان تذرف دموعًا قبل ان تستمع لصوت محمود يقول بهتاف:

بطل كذب بقي ms جميلة بتاعة العربي احلي واحدة في العالم ، انت شوفت عنيها لونها عامل ازاي

ثم التفت الي والدته وقال:

انتِ حلوة يا مامي بس  sorry هي اجمل وانا هتجوزها

صمتت ريم لبرهة مصدومة قبل ان تقول بامتعاض:

قليل الذوق

ثم زجرته باشمئزاز وهي تجذب اسامة الي حضنها تضمه اليها حتي كادت ان تخنقه وهي تستطرد :

ايا حبيب مامي  وروح مامي انت ، انت الوحيد اللي ابني والباقي دول مش ولادي جيباهم من الملجأ

ارتسمت ابتسامة لا ارادية علي شفتي سليم رغم غيظه الشديد من ذلك القرد الصغير الذي يأثر قلب وعقل طفلته بكل بساطة ولكن ردات فعلها العفوية وروحها الخفيفة تجعل حياته مزهرة

انهي طعامه ونهض بهيبه فطرية ف نهض الجميع معه ليفتح ذراعيه الي اطفاله لينطلق اربعتهم اليه فضمهم في عناق ابوي حنون وقبلهم وهو يعطيهم الوصايا العشر قبل ان يبتعد عنهم ويشير لأحدي الخدم لتأتي بحقيبة سفره وتحت ذهول ريم خرج من القصر بدون القاء ولو مجرد نظرة تجاهها مما جعلها تطالع ابتعاده بقلب منفطر وشفتين مرتجفتين تحاول كبح دموعها وكأنها طفلة فرق والدها في المعاملة بينها وبين اخوتها..