الفصل الخامس عشر

4.4K 120 3
                                    

الفصل الخامس عشر

أماني

لم يفارق أحلام إحساسها بالرغبة في ضرب أحدهم طوال حفلة الخطوبة الذي أقامته العائلة احتفالا بارتباط أسما وساري ... أسما ... ابنة كوثر !!! ... وساري ... شقيقها الوحيد !!!
بينما هي تقف بين المدعويين ... تنظر إلى الفتاة المتألقة بالفستان الذهبي الأنيق ... وإلى ساري واقفا إلى جانبها بحلته السوداء الأنيقة ... كانت تتلوى بين غضبها من هذا الارتباط الذي ترفضه تماما ... وامتعاضها من نوايا ساري الخالية من الجدية .... والرضا لأن فرص أسما في الوصول إلى نضال قد انتهت بعد أن ارتبطت بخاله ... حتى بعد انتهاء هذا الارتباط ... فإن نضال لن يفكر بابنة عمه وهو يعرف جيدا خاله ساري ... ويعرف بأن فقدانه الاهتمام باي فتاة ... فهذا يعني شيئا واحدا فقط
ولكن ... ماذا إن لم يفقد اهتمامه بها ؟؟؟ نظرت بتوتر إلى أسما التي كانت تتحاشى النظر إلى خطيبها المتألق وهو يتبادل الأحاديث الاجتماعية مع باقي المدعويين مكتسبا إعجابهم بشخصيته الطاغية ... مستفزا الفتاة المنكمشة بتعمده إمساك يدها المرتعشة وسحبها قريبا من قلبه .. مما كان يلون وجنتيها بحمرة حياء وسخط واضحين ...
رمشت أحلام بعينيها مفكرة باضطراب بأن رؤية ساري خاطبا كان من أكبر امنياتها .. خاصة وهي تعرف أسباب إضرابه عن الارتباط الحقيقي ... تعرف بأن سبب رحيله في الماضي ... قبل ثلاث عشر سنة بالضبط ... كان بسبب فقدانه القدرة على الثقة في أي شخص وقد مر بصدمة أفاقته على الواقع المر على حد قوله ... غادر إلى أوروبا تاركا إياها ونضال في عهدة آل فهمي .. ولم يعد مجددا للزيارة إلا مرات بالكاد كانت تعد على اليد الواحدة .. زيارات خاطفة وسريعة ... بالكاد كانت تراه خلالها ... كان يرفض حتى الاتصال برفاقه القدامى اثناء وجوده ... يتحاشى الاحتكاك بعائلتها الجديدة وكأنه يخشى أن يعيقه أي ارتباط عاطفي من أي نوع كان عن العودة إلى اغترابه ...
إجازته هذه المرة كانت مختلفة ... إنه هنا منذ أسابيع ... ولا دلائل حتى الآن على أي رغبة منه بالرحيل ... تكررت زياراته لمنزل عائلة فهمي ... ازداد قربا من نضال ... وهي لا تستطيع منع نفسها من التفكير بأن الفضل في هذا التغير يعود إلى أسما ... ابنة سلفتها الهادئة والخجول ... والمضطربة عاطفيا والتي لم تتوقف عن ملاحقة نضال لسنوات ... لم تحببها يوما ... ولم تستطع معرفة السبب .. قد تعزو الأمر إلى بنوتها لكوثر إلا أن هذا يعتبر نفاقا إذ أنها مغرمة بغروب الصغيرة .. المرحة والمشاكسة .. فرحة هذا المنزل ...
الأمر يعود إلى الفتاة نفسها .. إذ أنها ما كانت مناسبة أبدا لنضال الذي أثار رعبها قبل سنوات عندما بدأ يوجه اهتمامه الجدي نحو الفتاة
لا ... لم تكن مناسبة له على الإطلاق ... لقد كانت أكثر هدوءا .. أكثر خنوعا .. أكثر بساطة من أن تغني حياة شاب كنضال ... نضال كأي ذكر ينتمي إلى عائلة فهمي .. يحتاج إلى تحدي ... إلى صراع يبقيه متأهبا على الدوام وإلا أحس بالسأم وافتقد الإثارة والحماس طوال حياته ... فتاة كأسما تحتاج إلى رجل من نوع آخر ... رجل يحتاج إلى رقتها ... إلى برائتها وضعفها ... رجل تعيده أنوثتها إلى حقيقته المفقودة .. رجل كساري
شحب وجهها وهي تستمع بدون وعي إلى إحدى قريبات العائلة وهي تتحدث عن جمال أسما ... وعن تلاؤم العروسين معا ...
أسما هي من أبقت ساري طوال هذه الفترة .. هي من أعاده إليها وإن كانت عودته مؤقتة ... ربما هي القادرة على إعادته بشكل كلي أخيرا ... أتراها تنجح ؟؟؟ ماذا إن نجح ساري ؟؟؟ ماذا إن نال ما أراده ورحل ؟؟ مكملا ما قامت به هي ونضال من قبله على مدى سنوات ... استغلال الفتاة ... ثم تحطيمها .. ماذا إن كان تحطيمه للفتاة هذه المرة مدمرا ؟؟؟
نظرت نحو الفتاة التي ولدت بين يديها وعاشت تحت أنظارها لإثني وعشرين سنة ... لقد ربت أسما وغروب مع نضال تقريبا ... اعتبرتهما كبنات لم تنجبهما حتى بدأت علاقة نضال بأسما تتحول مع تخطيهما مرحلة الطفولة ...
لقد اهتم نضال لأمرها حقا ... لقد كانت تراه بعينها وهو يسترق النظر نحوها ويغمزها ظانا بأن الآخرين لا يرونه ... كانت ترى أصابعهما تتشابك كلما خرجت العائلة معا ... مما أثار ذعرها وهي تلمح نظرات الفرح والانتصار على ملامح كوثر ..
ربما كان لها تأثيرا في تغيره منها بعد ذلك .. إلا أنه ما كان ابتعد بهذه السهولة لو أنه قد أحبها حقا ... صحيح ؟؟؟ ربما كانت قاسية في حق فتاة كبرت على حب ابن عمها .. ثم صدمت بتخليه عنها ... هل تستحق أسما حقا أن تلقيها أحلام بين يدي ساري .. مخاطرة بقلبها وعقلها وربما سمعتها ومستقبلها ... على أمل ضعيف بأن تستعيد شقيقها الوحيد ... وتنقذه من وحدته وبؤسه ؟؟؟
لمحت نظرة ساري اللامعة وهو يتأمل وجه خطيبته .. التي استمعت إلى همسات غروب في أذنها دون أن تعي نظراته التي كادت تلتهمها ... ففكرت بإحساس عميق بالذنب .. بأنها ربما لا تستحق .. ربما هي تراهن بخطورة على الباقي المتبقى من ساري القديم الذي ولد وترعرع تحت أنظارها .. إلا أن ساري هو شقيقها في النهاية .. وولاؤها يعود إليه

زهرة في غابة الأرواح(الجزء الثالث من سلسلة للعشق فصول)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن