قلعة مهيبة تُطل من الأفق والهدوء عم أرجاء الغابة بشكل ممل، تقدم الشابان من أسوار القعلة أكثر وأكثر، لتتضح ملامحها الرائعة لأعينهم، وما إن اقتربا من البوابة حتى حلّق كائن دخاني أسود اللون، شديد الحماس، مخترقًا البوابة المهيبة بلمح البصر وقد اختفى خلفها.
«أين ذهب؟» صوت أجش هادئ ارتفع يتساءل متعجبًا، فرفع صاحب الشعر الطويل كتفيه دليلًا على عدم علمه، ثم نظر حوله باستغراب من السكون الذي يحيط المكان، تراجع للخلف قليلًا ينظر للأعلى حيث الأنوار المنطفئة والنوافذ المغلقة.
«هذا مريب...» تمتم يكلم نفسه لكن الفتى معه سمعه على أي حال، طرق على البوابة بقوة وانتظر أن يفتحها أحدهم، لم تمر دقيقة حتى فرد جناحيه الكبيرين وارتفع للأعلى ثم اختفى بجزء من الثانية، تاركًا يوهان المتعب خلفه، التفت الأخير لحيوانه ينظر له بصمت وقد نال منه الانزعاج بالفعل.فجأة فُتح الباب أمامه وظهر لوسيفر من خلاله ملفوفًا بجناحيه بينما يشير له بالدخول، ليتقدم الآخر يتأمل المكان المظلم قليلًا بسبب إغلاق النوافذ، «ادخل بقدمك اليمنى وادعو ربك للنجاة» نطق لوسيفر بينما يغطي أنفه بانزعاج.
«ماذا؟» سأل يوهان للمرة الثالثة على التوالي لينظر له الآخر بطرف عينه بينما يحوم في المكان كالذبابة ثم شرع بفتح النوافذ وإشعال الشموع.
«أدخل مؤخرتك الملكية لهنا سموك أم أنك تريد البقاء على الباب؟» رمش الأخير بتفاجؤ وابتلع كلماته ليدخل بصمت، هل تجرأت هذه النخلة ذات الريش على التقليل من احترامه؟! كان على وشك الرد حينما رفع رأسه لينظر للوسيفر الذي يبادله بابتسامة حقيرة ونظرة تحثه على الكلام.
«أين الجميع؟» قال يوهان مخيبًا أمل الآخر الذي توقع نشوب شجار ونيل قليل من المتعة.
«وما أدراني؟ ألم أكن معك طوال الوقت؟» نطق بعد أن انتهى مما يفعل، يكشر بوجهه نحو يديه التي امتلأت بالغبار!«يا إلهي! أين تلك فن عن هذه الفوضى!» استطرد بغضب ينفض كفيه بقرف من الغبار، «اتبعني لا تقف مكانك!» صاح بينما يتجه نحو المقهى حيث يتواجد عادة بعض من الجنود، لكنه كان فارغًا عكس توقعه.
«لوان!» نادى حيوانه ليأتيه الآخر حالاً بينما يصدر أصواتًا سعيدة وصاخبة تشبه زقزقة العصافير المزعجة، «أين الجميع؟» سأله ليجيبه الأخير بالطيران أمامهم نحو أجنحة الأعضاء بالأعلى.
تبعه لوسيفر ويوهان وخلفهم أسد يوهان شاند، صعدوا لأعلى السلالم وما زال الصمت يسيطر على الأرجاء، جاعلاً من الاثنين في حالة توتر واستعداد، أهل هذا القصر لا يهدؤون!
اقتربا من جناح نيكس، حيث كان الأقرب منهم، ليفتحه ببطء متفحصًا المكان ويجد المعاون نائمة على سريرها وتشخر بخفة، ومن منظرها هذا خمن أنها نائمة منذ أيام إن لم تكن لأسابيع، غريب؟ كلا يا عزيزي الغريب أنك استغربت! إنها نيكس!
«هذا غير لائق! كيف تفتح غرفة فتاة دون الاستئذان؟! عار عليك!»
صاح لوسيفر وأسرع بالابتعاد عن الآخر الذي ينظر له بذهول، هو الذي فتحه! كيف له أن يلوم الإمبراطور على هذا الفعل الشنيع!؟