«أعني، ما الذي قد يجعلني أحافظ على هدوئي بعد رؤيتي لكل هذا؟!» صاحت آندي متذمرة وهي تغادر المكتبة على عجل، ونظرا لشعرها الأشعث وعيونها الذابلة فالخالق واحده من يعلم المدة التي قضتها في البحث عما تريده. سارت بتململ بين أروقة القلعة تجر أذيال الخيبة وتزفر الهواء بيأس إلى أن توقفت أمام عالم ديلا، نظرت يمنة ويسرة ثم ابتسمت بخبث وهي تخترق الباب الشبحي الذي يحمي عالم الأرواح.
«هل وجدته؟» وضعت ديلا كف يدها على كتف آندي لتجفل هذه الأخيرة بذعر وقد رفعت يدها إلى صدرها تهدئ من خافقها، «لا تفكري بإخافتي» استطردت ديلا بينما تسير إلى مكتبها وتمسك قلما مشعا بين أصابعها النحيلة، «إذن وجدتِ شيئا يناسبك؟» أعادت سؤالها مجددا دون أن ترفع رأسها عن عملها، الجميع مشغول بالعمل ولا أحد يحب أن يقاطع أثناء عمله.
«لم أجد شيئا!» ردت آندي وقد عقدت حاجبيها في انزعاج لم تبذل أي جهد في إخفائه، جعلت نبرة آندي المرتفعة ديلا ترفع رأسها عن عملها بينما تدفع حفنة من الملفات ناحية آندي ثم استطردت «بما أنك لم تجد بديلا فتفضلي طلباتك وابدئي مهامك قبل أن تعلم الجنرال عن الأمر»
عضت آندي وجنتها ثم أمسكت ملفاتها بغضب تتفحصها، فتحت أول واحد منها وبعد ثوان قليلة من القراءة صرخت منفعلة «كيف يمكنني أن أصنع لرواية خيالية غلافا والكاتب يريده عاديًا؟!» هزت ديلا رأسها بقلة حيلة ثم عادت لعملها بينما انطلقت آندي مغادرة عالم ديلا وهي تشد شعرها وقد تأبطت الملفات باهتياج وحنق شديدين، تدعو داخلها أن تجد من ينقذها من كومة الطلبات التي تهورت وأخذتها بدون أن تلقي نظرة متفحصة على محتوياتها.
«دعيني أشرح!» صراخ عالٍ دفعها للتصنم مكانها، تلته صرخة أنثوية عالية وزمجرة أعلى، نظرت للباب الذي على يمينها وما إن استوعبت أمام باب من تقف إلى أن اتضحت لها أسباب هذا الضجيج، دفعت الباب شبه المفتوح بأطراف أصابعها ثم دخلت تتسلل إلى أن رأت رج تلتصق بالحائط تحمي وجهها بكلتا ذراعيها، وعلى الجانب المقابل تقف قبس وقد علت وجهها ابتسامة بينما تراقب شيطانها ثيوس الذي يقترب من رج بمخالب ذهبية بارزة «قبس! ما الذي تفعلينه؟» صرخت آندي وهي تقف حاجزا بينهما وقبل أن تكمل كلامها قاطعتها قبس قائلة بملل واضح «الأمر ليس شخصيا، وعدت باستيل بإخافة رج وأنا لا أخلف وعودي.»
«باستيل؟ وما السبب؟» تساءلت آندي بينما تسحب ذراع رج بعيدًا عن ثيوس لترد رج قائلة «ربما أكون مذنبة نوعا ما، أتباهى بالأكل أمام باستيل في الواقع»
سقط فك آندي أرضًا من سماعها لهذا السبب السخيف الذي تأخذه قبس بجدية كبيرة والأخرى تعترف به كذنب عظيم، لتمسح على وجهها بنفاذ صبر ثم دفعت رج تطردها من الغرفة من أجل الانفراد بقبس، ومن جلوس هذه الأخيرة بتلك الطريقة الغريبة، التي لا تمت للعاقلين بصلة، فلا يبدو أنها تنوي خوض أي نقاش جدي مع آندي أو شرح تصرفاتها لأحد، تنهدت آندي طويلًا ثم قالت بابتسامة خبيثة «هل أخبر الجنرال بالأمر؟ قبس تهدد رج لسبب تافه!»