صوت خطواتها في الممر الفارغ كان أعلى من المعتاد، وكأن القلعة كلها خاوية إلا من آندي التي تسير بتوتر، توقفت فجأة تنظر أمامها بصمت، ضيقت عينيها باستنكار ثم التفتت بسرعة ناحية النافذة لتلمح ظل أحدهم يختفي سريعًا.
أكملت مشيها متجاهلة أن هناك من يراقبها، وليت من يراقبها هادئ! فمنذ الصباح وهي تشعر أن الأعين ترصدها، إضافة إلى حرارة غريبة تلحف جسدها، لذلك خمنت أن من يتجسس عليها يجهز أسلحته لقتلها أو أنه غاضب بما يكفي لحرقها بنظراته.
أثناء سيرها استرجعت فجأة حوار الجنود بالمقهى أمس.
«هل لاحظتم أنه بعد كل دفعة نستقبلها من الجنود الجدد أنهم يستحوذون على جدول الطلبات ولا يتركون لنا شيئًا نحن القدامى!» أردفت جيجي تشكو بغضب عارم.
«ليس المستجدون فقط، فهم على الأقل معذورون لسبب لحماستهم في البداية، نلاحظ أن آنديانا بالذات التهمت الأعمال كلها ولم تبق على بنت فتات.» أجابت ليلاك حاقدة على الأخيرة.
«علينا وضع حد لهذه المهزلة!» حسمت آلي وهي تضرب بكفها على طاولة المقهى.
سرت قشعريرة سريعة بجسدها بعد أن ربطت الأحداث وحوار الثلاثي لتنظر حولها لتتأكد من خلو الممر ثم هرولت هاربة للاختباء في مكان ما.
الليلة سيتم قتلها حتمًا، ومجرد التفكير بالأمر يدفعها لابتلاع ما بحلقها بعنف.
بعد أن غابت آندي عن الأنظار، خرجت آلي من خلف الشجيرات السحرية رفقة جيجي تحاولان إيجاد أثر لها لكن آندي تبخرت بالفعل، ولم تترك خلفها أي دليل يقودهما إليها. بعد كل شيء، فكرة مراقبة آنديانا من خارج القلعة كانت فكرة غبية بحق! وجيجي تلعن نفسها على اتخاذها هذا القرار الأحمق.
«ربما استعملت قواها للاختباء، راقبتها اليوم بطوله ومع ذلك الأعمال كانت تحجز باسمها! لنفترق ونبحث عنها يوجد سر وراء دودة الأعمال هذه.»
أومأت آلي توافق جيجي الرأي وهي تضيق عينيها لتحدق بالممر الذي اختفت منه آنديانا ثم استطردت «كانت تثرثر مع قبس وهيجين وبنفس الوقت تنجز الأعمال بسرعة، لا أستطيع تصديق ما يحدث.»
رمقت آلي الأخرى بنظرة تفهمها جيدا لتتحركا بكل عزم تنويان إمساك غريبة الأطوار هذه.
آندي التي أرخت جفنيها بطمأنينة زائفة أخيرًا، وقد أراحت ظهرها على الجدار خلفها قبل أن يهجم على مخبئها السري كائن لا يظهر منه سوى السواد، أرادت الصراخ لكن يدًا امتدت لتغلق فمها وتمنعه عن إطلاق إنذار الحريق.
«صه! إنها أنا قبس!» رتبت قبس شعرها بسرعة بعد أن همست لتتنهد الأخرى براحة كأن السلام حلَّ على الأرض. «إلهي! قبس أخفتني! ماذا تفعلين هنا؟ وما حالتك المزرية هذه؟!»