أجواء غريبة

325 48 44
                                    

«أوه يا إلهي! لمْ أعُد أشعر بظهري.»

تأوّهت إحدى فتيات الدفعة الجديدة تحاول رفع ظهرها تدريجيًا مع ظهور صوت طرقعة بعض العظام بظهرها وساقيها، فشاركتها فتاة أخرى متوسطة الطول متأوّهةً بينما تمدُّ يدها للخلف تحاول لمس ظهرها لتملِّس عليه:

«أعتقد أنّ عمودي الفقريّ بحاجةٍ إلى أن ينتزعه أحدٌ من مكانه ثم يخلع فقراته فقرةً فقرةً ويعالج كل فقرةٍ بمفردها، ثم يعيد تركيب الفقرات ببعضها ويضع عمودي الفقريّ بمكانه بظهري مجددًا، ولكنه بعد ذلك يدرك أنّه قد أخطأ في ترتيب الفقرات ووضع فقرةً مكان الأخرى، فيُصاب بالاضطراب ظانًا أنني سأفقد ظهري بسببه خطئه هذا، فيُسرع لينتزع عمودي الفقريّ من جديد ويُعيد ترتيب فقراته بالشكل الصحيح، وبعد أن يتأكد أن كل فقرةٍ بمكانها يضع عمودي الفقريّ بظهري وأعيش أنا بسلامٍ بعدها ويختفي ألمُ ظهري.»

«سينفجر رأسي.»

علّقت باء بخفوتٍ تضغط بكفّيها على جانبي رأسها، بينما بقية الجنود بلا استثناءٍ ينظرون لتلك الجنديّة الجديدة التي توقّفت عن الثرثرة للتو- بجمودٍ لا يرمشون حتى وكأنهم يرونها من خارج المجرّة. حتى تنحنحتْ المُعاون نيكس تتنهد بهدوءٍ قائلةً:

«حسنًا، بعد استماعنا لقصة العمود الفقريّ والشاب الغبي الذي ركّبه بشكلٍ خاطئ سنذهب جميعًا للمقهى حيث تنتظرنا الچنرال إل باجتماع الترحيب بالدُفعة الجديدة.»

«أجل.»

ضربت فيليسا قبضتها بالهواء بحماسٍ تؤدي رقصة النصر السعيد، أخيرًا ستشهد احتفالًا بأحد الدُفعات الأصغر منها.

«لا، لا أرجوكم، يكفي احتفالًا بنا إلى هذا الحد.»

هتفت إحدى فتيات الدفعة الجديدة تهزُّ كفّها في الهواء نفيًا متراجعةً للخلف، فنظر لها الجنود بغرابةٍ من رد فعلها المتوتِّر هذا، ثم أشاحوا بأنظارهم للمكان حولهم في بهو القلعة، وجدوه نظيفًا أخيرًا ومرتّبًا بعد شِجار العرّيف دال وچيچي الأخير، إلّا أن بعض الجدران والأعمدة به تحتاج لبعض التصليحات، وكانت هذه مهمة فَن معماريّة الجنود قبل أن تقدِّم استقالتها وتركض والعريف روما خلفها تلحق بها.

«أوه لا، لا تقلقن أيتها الفتيات الصغيرات اللطيفات، لقد انتهت فقرة التنظيف وبذلتم فيها جهدًا رائعًا، كان هذا اختبارًا تأكيديًا لاستحقاقنّ الانضمام لفريق جنود التصميم فقط، وقد نجحتُنّ به، أنا فخورة بكنّ صغاري.»

سارعت چيچي تردُّ مصحُّحةً الموقف، ثم حرّكت كفها في الهواء مكوِّنةً قوس قزح خفيف فوق الفتيات تنظر لهم كأمٍ وجدتُ أطفالها بعد زمن من فقدانهم، حتى ضيّقت تينا عينيها هامسةً لـهِر بجانبها:

«يبدو أن چيچي قد وجدت مَن هنّ أصغر منها لتمارس دور الأم أخيرًا.»

بدت تينا مستاءةً فربّتت هِر على كتفها تواسيها:

البؤساءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن