موضة الانتحار

112 17 15
                                    

أستلقِي على فراش الفندق بمفردي والملل قد استولى عليّ، الوقت لا يزال باكرًا على النّوم، لقد أكلتُ منذ نصف ساعةٍ لذلك أنا لا أشعر بالجوع.

تقلّبتُ في السّرير يُمنةً ويُسرةً، لعلِّي أجدُ شيئًا مسليًا قبل أنْ أموت مِن الملل.

شعرتُ برغبةٍ للذّهاب إلى الحمام، نهضتُ بتكاسلٍ متجهًا نحو باب الحمام على يساري، ولكن قبلَ أنْ أمدَّ يديّ لفتحه انطلق  ضوء أبيض ساطع من فراغات الباب، وما أن انزلقتْ يديّ على المقبض، حتى ازداد الضّوء سطوعًا مما جعلني أُغطّي عينيّ ألمًا، لقد كان قويًا ومفاجئًا.

بعد ثوانٍ فتحتُ عينيّ مجددًا، مدركًا بأنَّها البوابة الزّمنيّة، ويبدو أنّ الوقت قد حان لمغامرةٍ جديدةٍ، أتسائلُ أينَ ستأخذني هذه المرةُ؟

حملتُ هاتفي وحقيبتي لأقفزَ داخلها دون ترددٍ فأنا اعتدتُ على السّفر مِن خلالها.

لمْ تستغرق الرّحلةُ إلا بضعُ ثوانٍ لأجدَ نفسي ملقًا في إحدى الأزقةِ التي تفوح منها رائحةٌ كريهةٌ، نظرتُ إلى ملابسي لأجد نفسي قد ارتديتُ قميصًا واسعًا مع سترةٍ فضفاضةٍ فوقه وسروال، بالإضافة لربطة عنقٍ.

سرتُ للأمام خارجًا مِن هذا الزّقاق الذي أصابني الغثيان منه، نظرتُ حولي لأجد نفسي في سوقٍ كبيرٍ، التّجار ينتشرون هنا وهناك يعرضون بضاعتهم المختلفة، منهم مَن يبيع الملابسَ في متاجرٍ ومنهم مَن يبيع أدواتٍ مختلفةً على يميني، وفي الجزء الآخر يبيعون مختلفَ أصنافِ الطّعام على يساري، مما جعل الجوع يحتلّني فجأةً.

الأجواءُ هنا لديّها طابعٌ مميزٌ، طريقةُ ارتداء ملابسهم، الشّوارع والمنازل، مِن دون شكٍ نحن في القرنِ الثّامن عشر.

التفتُ يسارًا وبدأتُ بالسّير ولعابي يسيل من مناظر الأصناف  المختلفة مِن الفواكه، والحلويات، هناك مخابز كذلك.

يبدو أنّه عليّ ملء بطني لشحن طاقةٍ كافيةٍ للتّجول، واكتشاف هذه المدينةِ.

كلّما اقتربتُ أكثر كلّما شعرتُ بشعورٍ غريبٍ، وقفتُ كالغبي أمام إحدى المخابز لأنبهر بالأصنافِ المتنوعة، ورائحتها الشّهية جدًا.

مهلًا... أنا لا أملكُ المال!

ما الذي عليّ فعله الآن؟ أنا جائعٌ ووحيدٌ هنا.

ابتعدتُ وأنا خائب الأمل، يبدو أنّني سأتخلّى عَن فكرة تناول الطّعام مؤقتًا.

تجوّلتُ لبعض الوقت أناظرُ المارّة وأتفحّصُ المكان حولي، ولمْ أنسى تدوين الملاحظات المهمة.

سمعتُ صوت صراخٍ قادمٍ مِن زقاقٍ قريبٍ مني، المارّة يتجاهلونَه وكأنَّ أحدهم لمْ يطلب النّجدة، تقدّمتُ أكثر حتى وصلتُ إلى بقعةٍ أستطيعُ إلقاء نظرةً مِن خلالها على ما يحدثُ.

الرحالةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن