٥: أصابع

7.7K 627 626
                                    


لماذا كان بهذا الوجه والثياب؟
أخبرتُ البحرَ سؤالاً وأمواجه الشفافة تتلاطم وشعري البنّي تشده الريح كلما هزّت عقلي صورة الفتى، أجلس على التراب أحسُّ ببرودته الشديدة أسفلي وها هو البحرُ يناديني بتدريجٍ لن أرفضه، يلمسُ أطراف أصابعي الشاحبة بخفة في المرةِ الأولى ثم يغرق أقدامي وساقاي في المرة الثالثة، تواريني إبتسامة وتلتقط أقدامي حبها للبحر فجأةً وتمضي..

آهٍ ياللتعب، أينَ يكونُ جاي الآن؟ أخبرني يا بحري أينَ أخي؟

تقدمتُ أكثر وأكثر حتى أصبحت أقدامي تطوفان كجثة، فألمسهُ لمساً عذباً حتى لو كانَ ماؤه يسيلُ من بين يداي فلن يضيع من البحرِ داخله أيُ قطرة، ليتَ النهارَ يحل الآن لأنظر في تجعداته الساحرة، ليتني أستطيع احتضانه دون جمودٍ وبَرد ولكنهُ وأنا أغطسُ الآن عميقاً، لا أتنفس، لا أتكلم، لا صوتُ الريح يوقظني ولا الموجُ يهزّني ولا الليل يأكلُ ذاكرتي.. إنهُ احتضانُ البحرِ لي.

لا أحس بالبردِ ولا بالدفء ولكنني أحس بنفسي أختنق الآن، أحسُ بعظامي تمتصُّ جلدي بقسوة، وبروحي تتسارع لتهرب من جسدي الذي يسجنها ولكنني أخيب ظنها بي وأنا أرفع جسدي للأعلى وأسبح لألتقط شيئاً من شفقات الأكسجين..

أين يمكن أن يكونَ جاي!
ألهثُ بقوةٍ أقول بينما أسبح بجنونٍ وأغرقُ نفسي ألفَ مرة حتى أفقد التنفس بالكامل ثم بيأسٍ أصعدُ أتنفس.. ماذا لو أنّهُ حتماً ميّت؟

اهتزت يداي وشعرتُ بمفاصلي ترتخي في وجعٍ عميق انبعثَ من صدري

خرجتُ أسير بعدما أحسستُ بالتعب الشديد في جسدي فلن تكون لدي القوة الآن للغضب وهذا ما نثرته في البحر أصلاً.

صعدت السيارة بجسدي المبلل، رفعتُ خصلاتي عالياً ولوهلةٍ طفيفة توقفت يدي أعلى رأسي.. ذاك الفتى كان في رأسي الآن بشعره المبلل المسدول بنعومة مفرطة

أيعقل بأن يمتلك أحدهم شعراً ناعماً إلى هذا الحد، حتى وهو مبلل؟ صدقاً يا رجُل!
قلت بتعجبٍ وكما هي عادتي في التحدث إلى نفسي ولكن حقيقةً؟ أنا لو سردتُ ملمحَ ذاك الفتى وشعره خصيصاً لانفكّ كل ذهول العالم فوقَ رأسي وأضعتُ كلماتي في البحثِ عن قول كلمة واحدة قد تصفه

ربما لأنني مهووسٌ في الشعور الناعمة؟

ارتعشتُ مبتسماً ف آهٍ لا شيء يضاهي لحظةً قد أحس فيها بشعرٍ ناعم فوق صدري العاري، أبداً لا شيء.

ثأرُ الرِّياحْ|TKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن