الجزء 5

96 5 1
                                    

الجزء الخامس….

إزدادت حيرتي😩، و إسوَدَت ظلمتي، وانشلّ فكري عن
التفكير، فأصبحتُ أنظر لِما حولي يميناً ويساراً، وإذا بأحد ملائكة الرحمة يقول : أنظرْ إلى هناك، إنّها أعمالُك الحسنة الخالصة لله وأفكارك الطيبة وأوقاتك التي ملأتها بطاعة الله..وتلك مساعداتك لإخوانك.. وتلك نفقاتك في سبيل الله ... كنتُ أنظر إلى خُلاصة أعمالي الحسنة واحداً واحداً فاستبشرت وفرحت😀 بذلك كثيراً على الرغم من الحسرة التي لم تزل ترافقني على عدم الإكثار في كلّ واحدٍ منها..حينها توجّه أحد الملائكة نحو ملك الموت وقال له : لقد وجدنا في أعماله ما ينفعه في عدم العدول عن دينه وفي نُطق الشهادتَيْن.قال ملك الموت :  ❓وما هي تلك الأعمال التي يمكنه الاستغاثة بها ؟ لقد كان يؤدي الصلاة في أول وقتها،ويصل رحِمه،ويُحسن بوالديه،وكان كثيراً ما يقرأ دعاء العديلة وسورة ياسين والصافات ودعاء ( رضيت بالله رباً ... ) بعد كلّ صلاة،وأيضاً كان يقرأ زيارة آل ياسين، ويُكثر من ذِكر لا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم..  قال ملك الموت.  نعم انني كنت انظر اليه حينما يأتي وقت الصلاة فاراه يقيمها في اول وقتها..  وقد سجلت له ذلك كله..   كنت لا ارغب النظر  الى الشيطان حولي،لكني اردت  ان ارى اثر كلام الملائكه مع ملك الموت عليه..
.فرأيتُ الشيطان قد اشتعل غضبه😡 بعد أن ترك لساني👅 وقال لأعوانه :- لا فائدة من الجلوس هنا والحديث معه، إنّ لديه من الأعمال ما لا نستطيع بوجودها تغيير عقيدته ومنعه من نطق الشهادتيْن، إذهبوا جميعاً وسوف أنتقمُ منه ... ذهبوا عني وهم يجرون اذيال الخيبه ونيران الغضب تتطاير منهم لا اعادهم الله علي ولا اراني صورهم..  وحينها سمعتُ وللمرة الثالثة نداء مؤمن 👨🏼‍ وهو يقول : سعيد، هل تسمعني👂 ؟ هذه المرة دون أن أقول له نعم، نطقَ لساني بقول لا اله إلّا الله محمّدٌ رسول الله، هنالِك رأيتُ الابتسامة🙂 على وجه صديقي مؤمن..  والدهشه على من كان حولي  من الحاضرين فقد بدأو يسألونه عما يجري ،،  ولماذا تبسم بعدما كان  قلقا خائفا ، وقد ابتل وجهه بالعرق الذي اختلط بالدموع😭 نعم حقاً إنه صديقٌ مخلص، ولم يتخلَى عني حتى في اللحظات الأخيرة من حياتي . إقترب مني ملك الموت بقوله : السلام عليك أيّها العبد المؤمن .فُوجِئتُ بسلامه عليّ، ولكني تمكنتُ من جوابه فقلتُ : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته . إننا مأمورون من الجليل الأعلى بأخذ روحك ونزعها من بدنك الدنيوي .🔸آهٍ، الويل لي، هل تسمح لي بأيام قليلة أعيشها في الدنيا مرةً أخرى لأستكثِر من أعمالي، وأثقِّل ميزاني، وأودِّع أحبائي ؟ هيهاتَ من ذلك! فالله لا يؤخر نفساً إذا جاء أجلها، وقد أعطاك من الوقت في الدنيا ما يكفي للرُقي إلى كمالات الأولياء ونيل درجاتهم، فأين كنت من ذلك ؟❗️ 👂سمعتُ ذلك منه فجزِعت جزعاً عظيماً، وأصابتني حسرةٌ كُبرى، فبأيّ أعمالٍ سأقابل بها ربّي، وما هي إلا أعمال خمس سنين، أما ما قبلها فقد كانت محاطةً بالجهل والغفلة، محفوفةً بالشك والرياء..استحضرتُ ذلك في نفسي فبكيتُ😭 بكاءً شديداً، فتدارك ملك الموت حالي وقال : على كل حال، إن كفّة ميزان أعمالك الحسنة قد غلبت على كفّة سيئاتك بعد أن أبدل الله بعضها حسنات، وقد تقبّل توبتك النصوحه قبل خمس سنين، فلا تخف ولا تحزن، فو الذي بعث محمّداً (صلى الله عليه واله وسلم) لَأنا أبرُّ بك وأَشفَقُ عليك من والدٍ رحيمٍ لو حضرك..إفتح عينيْك جيداً وانظر إلى هؤلاء الأنوار هل تعرفهم ؟كنت قد قرأتُ في دار الدنيا أن المؤمن عند الإحتضار يتمثّل له الرسولُ والبتول والأئمة الإثنا عشر عليهم السلام جميعاً، وهؤلاء الأنوار هم بلا شك، نعم إنّ اعددتهم فهم أربعة عشر، ذلك رسول الله، وتلك الزهراء الطاهرة، وذلك أمير المؤمنين علي وبجنبه الحسن والحسين و...إلتفتُ إلى ملك الموت وأجبته : نعم أعرفهم، إنّهم رسول الله صلى الله عليه وآله وابنته الزهراء وابن عمه علي والحسن والحسين والتسعة المعصومين من ذرّية الحسين صلوات الله عليهم أجمعين .قال ملك الموت :
صدَقتَ يا عبد الله، فهل تحب أن يكونوا رفقاءك في الجنّة ؟ أم تريد العودة إلى الدنيا ؟أجبتُه فوراً :- لا والله، لا أريد الدنيا، فخُذ روحي وعجّل بها، فأنا لم أفارقهم بقلبي في الدنيا، فكيف الآن وقد تمثّلوا أمامي، ورأيتُ أنوارهم وحقيقة صورهم .إلتفتَ ملك الموت إلى الملائكة وأمرهم بجلب شيءٍ من ماء الكوثر، فأتوني به واجتمعوا حولي، وبيَد كلّ واحدٍ منهم كأسٌ منه، تناولت أحدها وشربت قليلاً منه، لكن أيُّ شرابٍ وأيُّ طعمٍ كان، هو ماءٌ ليس كماء الدنيا، فشتّان بينهما.. شربته على عطش شديد، فأحسستُ بإرتواءٍ عظيم وطعمٍ لذيذٍ ما تذوقتُ في الدنيا ماءً بلذّته، وقد وهبني قوةً ونشاطاً , وأزال عني النُحول والكسل والإضطراب..فسألتُ أحد الملائكة قائلاً : من أين أتيتم بهذا الماء ؟ إنّه من ماء الكوثر، ونحن نعطيه لبعض عباد الله المؤمنين لنخفف عنهم ألم الاحتضار وفراق الدنيا وأهلها، ونبشرهم بنعيم الآخرة وشرابها .وماذا تفعلون بالكفّار والعاصين حين تتوفونهم ؟ذلك ليس واجبنا، فنحن ملائكة الرحمة نختص بتوفي أهل الإيمان، أما الكفّار والعاصون فيتوفونهم ملائكة الغضب، يضربون وجوههم وأدبارهم .أتّم الملك كلامه، حينَها بادرني ملك الموت بقوله :👈🏻والآن هل تريد العودة للدنيا ؟🔹كلا لا أريد الدنيا! إحملوني إلى حيث يشاء ربّي .لم أُكمِل كلامي حتى أحسستُ برجفةٍ في بدني، فهمتُ منها أن روحي بدأت تخرج أكثر وأكثر حتى وصلت الحلقوم، فإذا بحديقةٍ واسعةٍ وأشجارٍ ما شاء ربّي تمثّلت أمامي، فوجهتُ إليها نظري وفكري، فإذا بها من الجمال ما لا يوصف، ومن السِعة ما ليس لها حد . إلتفتُ إلى أحد الملائكة وقلت له : 🔹ما هذا الذي أرى ؟قال :🌸انه مقامك في الجنّة، طُبتَ وطاب مثواك، وإنّك تُقدم على ربٍّ رحيمٍ كريمٍ .قلتُ لهم إنني لا أريد العيش في الدنيا مرّة أخرى، ولكنّي أريد العودة ساعةً واحدةً فقط لأخبِرَ أهلي بما أرى، هل يمكن لي ذلك ؟❗️هيهات لك ذلك، ولو رجعتَ وأخبرتهم بما رأيتَ لاتهموك بالكذب والخداع، كما إن عذابهم سيكون بعد ذلك أشد، ورجعتك إليهم إنّما تكون نقمةً عليهم لا رحمةً لهم … .

سفر الى عالم البرزخ مكتملهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن