الجزء السادس عشر

59 3 0
                                    

الجزءالسادس عشر…

كان أول من استقبلني في
قصري الجديد هي زوجتي🧕🏼 في عالم البرزخ، إنها الحور العين التي قال عنها الله تعالى في كتابه العزيز { حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ }.. كانت غاية في جمالٍ لا يوصف، وبما يفوق أن يُقاس بجمال نساء أهل الدنيا، كان وجهها يشع نوراً، فهو برّاق كبريق اللؤلؤ، وصافٍ كصفاء الياقوت.. وكانت الحلي الذهبية البرّاقة تعطي بحركتها نغمة لطيفة.. أمّا كلامها فعذب لا توصف عذوبته، ولا يمل منه سامعه، إذ كنت أطرب لحديثها ولا أتمنى سكوتها وكأني أسمع أنغاما موسيقية رائعة منسجمة بشكل كامل مع أنغام الحلي ورنينه.. ولا أبالغ لو قلت أن جمالها يحير العقول! ولا طاقة لأهل الدنيا على رؤيتها ولو أنها طلعت على عالم الدنيا لطغى نورها على نور الشمس☀️ المشرقة ... استقبلتني عند أول قدم🦶 لي في القصر، فأقبلت مبتسمة😊 مشرقة يضئ نورها معها أينما ذهبت.. تركت وصيفاتها وجواريها وخدمها خلفها و أقبلت نحوي فبدأت تقترب مني شيئًا فشيئاً حتى وصلتني.. لحظات لا تنسى ومشاعر لا توصف وهي تقف أمامي بجمالها الساحر ونورها المشع الهادئ قلت لها : 🔹 من أنتِ ؟ قالت : 🔸 أنا زوجتك المقترحة في عالم البرزخ، اشتقت إليك كثيراً دون أن أراك.. وقد خيرني ربّي في اختيار زوج لي فقلت الخير ما اخترته لي، وها أنت أمامي قد بهرني جمالك الساحر وهيبتك العظيمة، فحمدت الله على إختياره وشكرته🙌 على امتنانه.. قلت لها : 🔹 نعمَ الربُّ ربَّنا وسبحان الذي خلقنا فإن الخير كله منه وإليه، وقد رضيت برضاه وأحمده على اختياره وأشكره على امتنانه.. عانقتها وضممتها إلى صدري فأحسست بسكونٍ وطمأنينة عظيمة ... دخلت القصر معها وأي قصر كان ! كانت لِبنته بعضها من الذهب الخالص وبعضها من الفضة، أما سقفه وطلاؤه فكان من مواد عجيبة غريبة سألت عنها فكان الجواب أنّ السقف من الزمرد والطلاء من الياقوت . أما أرضيته فكانت بعضها مفروشة بموادٍ أشبه بالزجاج المطعّم بأنواع أحجار ما رأيت مثلها ولا سمعت من قبل عنها.. تجولنا في القصر فلم أرَ له حدوداً ينتهي بها، قلت لها: 🔹ما أعظم هذا القصر ! قالت : 🔸 إن مواده ولبنته التي تراها هي أعمالنا الحسنة قد تجسّمت بهذه الأشكال فكونت قصرا بهذه العظمة. . تحيرت في أمرها وجوابها وتساءلت في نفسي : أيكون لها أعمال حسنة وسيئة مثلي ؟ قلت لها مستغرباً : 🔹ما أسمك ؟ قالت : 🔸 إسمي سناء 🔹 إنه من اسماء الدنيا أليس كذلك ؟ 🔸نعم. 🔹و في أي بقعة من الأرض كنت ؟ 🔸 في أرض تركيا 🔹 كأنني أراك تتكلمين العربية ! نعم إن روح الإنسان لها قدرات فائقة أودعها الله فيها، فإذا تحررت من بدنها المادي ظهرت تلك القدرات، ومنها التكلم بجميع اللغات حتى لو لم يكن الإنسان يجيدها بل لم يكن يعرفها في عالم الدنيا.. 🔹 أخبريني بالله عليك ما قصتك ؟؟ قالت : 🔸 كنت إمرأة مؤمنة بالله، راضيةً بقضائه، شاكرةً لنعمائه رغم وجود عاهة في بدني والتي منعتني من الزواج في الدنيا، وعندما علمت أنه لا سبيل لشفائي، أصبحت الدنيا لا شيء عندي، وتوجهت بجوارحي وجوانحي إلى آخرتي، فتخلقت بأخلاق الإسلام، وتقربت إلى ربي العلّام، وتيقنت أني خُلقت لغير عالَمي، فحررت روحي من قيودها، وحلقت بها الى عالَم الملكوت، فدخلت جنتي وأنا في دنياي، وشعرت بسعادةٍ عظيمة قبل مماتي حتى توفاني ربي، وعَوضني عمّا حرمت منه، وها أنذا معك بتمام العافية وعظيم الراحة في جنات عدن التي وعد الله عباده المتقين!! 🔹 إنني أرى جمالك يفوق جمال الحور العين التي رأيتها في طريقي إلى هنا، فهل ترين في شخصي ما يناسب جمالك وكمالك الذي أراه ؟؟ 🔸 نعم إنني أرى فيك ذلك، إنك الآن بأكمل هيئة وأجمل صورة، فجمالك عظيمٌ يفوق جمال يوسف الذي كنّا نسمع عنه، ونورك يسعى بين يديك ليعطيك بهاءاً أكبر وكمالاً أعظم! 🔹 آه إنني لم أكن أعلم بذلك حتى سمعت👂 كلامك هذا! 🔸 ليس هذا فقط، بل كل ما أحاط بهذا القصر من حدائق خلابة وبساتين جذابة، وكل ما فيها من خدم وجواري هو لك، كما أن هناك قصوراً وحدائق عظيمة أخرى في أماكن غير التي أنت فيها الآن، ويمكنك الذهاب إليها في أي وقتٍ تشاء.. إستمر بنا الحديث طويلاً أحسست خلاله بسعادة عظيمة ولذة فائقة، وكانت الأطباق تأتينا بين الحين والآخر بأيدي الولدان المخلّدون الذين كانوا يطوفون علينا فهم كاللؤلؤ المنثور، و فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، ليزيد ذلك من إجتماعنا وحديثنا صفاءً أكثر ولذة أعظم . تجولنا في الحدائق المحيطة بالقصر، وكانت الأشجار تبادرنا بالسلام، وتدعونا لتناول ثمارها، وقد كان بلاط تلك الأشجار من الياقوت وترابها من المسك الأبيض وسقيها من الزنجبيل والعسل ، وعشبها من الزعفران... أما الورود الملونة فكانت تستقبلنا بأنغامها العذبة، ورائحتها العطرة، وتنحني لنا كلما اقتربنا منها.. وأما الطيور فكانت تحوم في فضاء تلك الحدائق وتنتقل بين غصن وآخر لتعطي جمالاً اكثر بألوانها ونغمة لطيفة بتغاريدها... تقدمنا أكثر فرأينا نهراً يجري فيه ماء زلال يشاهد من خلاله قعره الذي يبدو أنه من الياقوت الأحمر، وحصاه من الدر واللؤلؤ، وقد وقفت على جوانبه جواري تحمل كل منها كأساً من مائه وتدعونا بصوتها العذب للشرب منه . تقدمنا اكثر فرأينا نهراً آخر من لبن بياضه كبياض الثلج يجري من مرتفع إلى منخفض ليكوّن شلالاً تقف الجواري على جانبيه وتملأ الكأس منه لتعرضه علينا علّنا نتناول منه . كانت هناك أمكنة للجلوس على حافة النهر، وعندما وصلنا إليها جلسنا قليلاً لنشاهد تلك المناظر والحدائق الخلابه ونتناول شيئا منها.. وبمجرد أن نَوَينا اكل لحم طير مشوي سمعنا نداءً لأحد طيور الجنة من على غصن فيها وهو يقول بصوته الجميل : انا طير خلقني الله في الجنة وليس في الجنة عينٌ إلا شربت منها ولا فاكهةٌ إلا أكلت منها ولحمي من هذه العيون والثمار فهل تشتهيا الأكل منه؟ أجبته مستغرباً قائلاً : 🔹 نعم وما إن قلت ذلك حتى رأيته ألقى بنفسه أمامنا وخفق بجناحيه ثم خرج من كل ريشة منه قطعة لحم.. نظرتُ إلى سناء وقلت ُلها 🔹 تفضلي بسم الله هذا من فضل الله.. وسألتها هل كنت تتوقعين الحصول على ما تشاهدينه الآن ؟ قالت: 🔸نعم ولكن كان توقعي بما يناسب تصوراتي المادية في الدنيا، أما ما أشاهده الآن فهو يفوق تلك التصورات جميعها ورأيت أشياءً ما كان بالأمكان تخيّلها في عالَم الدنيا . 🔹 العجيب يا عزيزتي أنهم يقولون : أن كل ما نشاهده الآن في عالم البرزخ ليس إلا انعكاساً لحقيقة في عالم الأبد، والبرزخ قطرة من بحر عالم الخلود ...

سفر الى عالم البرزخ مكتملهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن